سوالف

الشجب والاستنكار عند العرب... كلمات مخدرة وثروة جاهزة!

| أسامة الماجد

أدانت‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ ‬تدين،‭ ‬نشجب‭... ‬نستنكر‭... ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المسرح‭ ‬الملحمي‭ ‬العربي‭ ‬والكلمات‭ ‬الثلاث‭ ‬التي‭ ‬يحتويها‭ ‬قاموسنا‭ ‬“ندين،‭ ‬نشجب،‭ ‬نستنكر”،‭ ‬وكأننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬غربة‭ ‬ولم‭ ‬نستطع‭ ‬لغاية‭ ‬الآن‭ ‬مواجهة‭ ‬موجات‭ ‬غزو‭ ‬الأعداء‭ ‬ولا‭ ‬هضهم‭ ‬الأفكار‭ ‬ولا‭ ‬تمحيص‭ ‬المخرب‭.‬

كل‭ ‬الصحف‭ ‬العربية‭ ‬ووكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬غير‭ ‬تلك‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬تشبه‭ ‬البيانات‭ ‬والمؤتمرات‭ ‬والتباكي‭ ‬والنواح،‭ ‬وطأطأة‭ ‬الرأس‭ ‬والتسليم‭ ‬بالأمر‭ ‬الواقع،‭ ‬العرب‭ ‬يتعرضون‭ ‬لظلم‭ ‬فظيع‭ ‬وأعاصير‭ ‬مدمرة‭ ‬وتهديد‭ ‬بالعدم‭ ‬والموت‭ ‬ومازالوا‭ ‬يعالجون‭ ‬قضاياهم‭ ‬بالشجب‭ ‬والاستنكار‭ ‬والإدانة،‭ ‬صراع‭ ‬مستعر‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المناطق،‭ ‬وقوى‭ ‬الشر‭ ‬والظلم‭ ‬والصهيونية‭ ‬تكتم‭ ‬على‭ ‬أنفاسنا‭ ‬بشكل‭ ‬مرعب،‭ ‬ونحن‭ ‬مازلنا‭ ‬مثل‭ ‬“سيزيف”‭ ‬يحمل‭ ‬صخرته‭ ‬المصبوغة‭ ‬بالعذاب‭ ‬الأزلي،‭ ‬حيث‭ ‬نمتص‭ ‬الدم‭ ‬السائل‭ ‬من‭ ‬جروح‭ ‬الهزيمة‭.‬

لماذا‭ ‬كل‭ ‬أحداث‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الإحباط‭ ‬والوجع‭ ‬واليأس‭ ‬مرتبطة‭ ‬بثلاث‭ ‬كلمات‭ ‬“شجب،‭ ‬استنكار،‭ ‬إدانة”،‭ ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬ونحن‭ ‬نردد‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات‭ ‬ونعتبرها‭ ‬معنى‭ ‬للأمل‭ ‬ونحن‭ ‬الأمة‭ ‬التي‭ ‬سجد‭ ‬لها‭ ‬التاريخ‭ ‬لسماحة‭ ‬ديننا‭ ‬العظيم‭ ‬وتواضع‭ ‬نبينا‭ ‬الكريم‭.‬

لماذا‭ ‬أصبحت‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات‭ ‬الثلاث‭ ‬كالثروة‭ ‬الجاهزة‭ ‬للأخذ‭ ‬والتطبيق‭ ‬والشجر‭ ‬الأخضر‭ ‬الذي‭ ‬نوقد‭ ‬منه‭ ‬نارا؟‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬قصتنا‭ ‬مع‭ ‬الشجب‭ ‬والاستنكار،‭ ‬هل‭ ‬نعتقد‭ ‬أنها‭ ‬ستجلب‭ ‬لنا‭ ‬الاحترام‭ ‬والكرامة‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬السياسة،‭ ‬لا‭ ‬والله‭... ‬إنها‭ ‬كلمات‭ ‬مخدرة‭ ‬ممزوجة‭ ‬بين‭ ‬الملحمة‭ ‬والدراما،‭ ‬تنويم‭ ‬مغناطيسي‭ ‬بألوان‭ ‬حارة‭ ‬جعل‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إعياء‭ ‬شديد‭ ‬وسقوط‭ ‬في‭ ‬حلقة‭ ‬مفرغة‭ ‬وهرولة‭ ‬نحو‭ ‬المجهول،‭ ‬احتماء‭ ‬خلف‭ ‬سياج‭ ‬من‭ ‬الزخرف‭ ‬الكاذب‭ ‬وضباب‭ ‬العبث‭ ‬الأجوف‭ ‬أو‭ ‬المعنى‭ ‬الشارد‭.‬

لماذا‭ ‬لا‭ ‬نكون‭ ‬محاربين‭ ‬متدثرين‭ ‬بأردية‭ ‬العقيدة‭ ‬العظيمة‭ ‬كأسلافنا‭ ‬العظام‭ ‬بدل‭ ‬هذا‭ ‬الموت‭ ‬البطيء‭ ‬بين‭ ‬صفحات‭ ‬الصحف‭ ‬العربية‭ ‬ونشرات‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تسمعنا‭ ‬غير‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات‭ ‬التي‭ ‬حفظناها‭ ‬عن‭ ‬ظهر‭ ‬قلب‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظافرنا،‭ ‬فقد‭ ‬اعتاد‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬تلقي‭ ‬الطعنة‭ ‬السامة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬نشرة‭ ‬أخبار‭ ‬وولادة‭ ‬عدد‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬صحيفة‭.‬

أحلم‭ ‬كعربي‭ ‬باليوم‭ ‬الذي‭ ‬ستكون‭ ‬فيه‭ ‬إضافة‭ ‬حضارية‭ ‬بتخطي‭ ‬واقعنا‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الجلجلة‭ ‬الفارغة‭ ‬ومحو‭ ‬تلك‭ ‬الكلمات‭ ‬من‭ ‬قاموسنا‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭.‬