حزاوي أمي شيخة... أحلام الطفولة

| عبدعلي الغسرة

في‭ ‬أمسية‭ ‬شتوية‭ ‬جميلة‭ ‬استضافت‭ ‬اللجنة‭ ‬الثقافية‭ ‬بنادي‭ ‬العروبة‭ ‬د‭. ‬أنيسة‭ ‬فخرو‭ ‬في‭ ‬اللقاء‭ ‬الفكري‭ ‬الثاني‭ ‬باستعراض‭ ‬كتابها‭ ‬الجميل‭ (‬حزاوي‭ ‬أمي‭ ‬شيخة‭... ‬أحلام‭ ‬الطفولة‭)‬،‭ ‬وسط‭ ‬حضور‭ ‬نوعي‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬النادي‭ ‬وجمهور‭ ‬يعشق‭ ‬الماضي‭ ‬وحكاياته‭ ‬وتراث‭ ‬البحرين،‭ ‬فالكتاب‭ ‬يسرد‭ ‬حكايات‭ ‬عن‭ ‬الحُب‭ ‬والعدالة،‭ ‬الفن‭ ‬والظُلم،‭ ‬حكايات‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬شقاء‭ ‬وعناء‭ ‬ورضا‭ ‬وخير‭.‬

تاريخنا‭ ‬البحريني‭ ‬مليء‭ ‬بالحكايات‭ ‬الجميلة‭ ‬والموروثات‭ ‬الشعبية‭ ‬العريقة،‭ ‬وحكايات‭ ‬الماضي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬تراثنا‭ ‬وجسر‭ ‬يربط‭ ‬الأفذاذ‭ ‬من‭ ‬الأجداد‭ ‬والآباء‭ ‬بالأبناء،‭ ‬حكايات‭ ‬تتجدد‭ ‬مع‭ ‬تجدد‭ ‬سردها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬زمان‭ ‬ومكان،‭ ‬ما‭ ‬قرأته‭ ‬وسيقرؤه‭ ‬غيري‭ ‬من‭ ‬الحزاوي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الكُتب‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬حكايات‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬تاريخ،‭ ‬حكايات‭ ‬عن‭ ‬الإنسان‭ ‬البحريني‭ ‬وواقعه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتاريخه‭ ‬وجغرافيته،‭ ‬وما‭ ‬تحويه‭ ‬حياته‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬جميلة‭ ‬وعادات‭ ‬حميدة‭ ‬وفنون‭ ‬وكل‭ ‬شيءٍ‭ ‬جميل‭. ‬

ومَن‭ ‬يقرأ‭ ‬أو‭ ‬يسمع‭ ‬أو‭ ‬يَطَّلِع‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التراث‭ ‬اللغوي‭ ‬الفني‭ ‬الثقافي‭ ‬سيجد‭ ‬أمامه‭ ‬سجلا‭ ‬موثقا‭ ‬لذاكرة‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬زمانه‭ ‬الجميل،‭ ‬بما‭ ‬تحويه‭ ‬هذه‭ ‬الحكايات‭ ‬من‭ ‬متعة‭ ‬عقلية‭ ‬ووعاء‭ ‬ثقافي‭ ‬مليء‭ ‬بالقيم‭ ‬التربوية‭ ‬والتعليمية‭ ‬الغزيرة‭ ‬بالمضامين‭ ‬الحياتية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجالاتها‭ ‬التي‭ ‬ترشد‭ ‬الناس‭ ‬لفعل‭ ‬الخير‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬جادة‭ ‬الشر‭. ‬إن‭ ‬حكايات‭ ‬الماضي‭ ‬هي‭ ‬ابنة‭ ‬بيئتها‭ ‬وحاضنة‭ ‬زمانها،‭ ‬وتكرار‭ ‬قراءتها‭ ‬وسماعها‭ ‬يزيدها‭ ‬وجودًا‭ ‬والتصاقًا‭ ‬بحياة‭ ‬الناس‭.‬

هذه‭ ‬الحزاوي‭ ‬هي‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬القديم‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬الأزمنة‭ ‬وإلى‭ ‬كل‭ ‬الناس،‭ ‬ولن‭ ‬يُغيرها‭ ‬شيء‭ ‬بتناقلها‭ ‬من‭ ‬جيلٍ‭ ‬إلى‭ ‬جيل،‭ ‬ولن‭ ‬ينقص‭ ‬من‭ ‬قيمتها‭ ‬وصورتها‭ ‬الفنية‭ ‬وأهدافها‭ ‬النبيلة‭ ‬شيئًا،‭ ‬إنها‭ ‬الحكايات‭ ‬التي‭ ‬تبدأ‭ ‬بـ‭ (‬كان‭ ‬يا‭ ‬ما‭ ‬كان‭...) ‬التي‭ ‬تحكى‭ ‬للأطفال‭ ‬حينما‭ ‬يتحلقون‭ ‬حول‭ ‬الجدة‭ ‬أو‭ ‬الجد‭ ‬لتذهب‭ ‬بخيالهم‭ ‬الذي‭ ‬يُحلق‭ ‬مع‭ ‬آفاق‭ ‬الحكاية‭ ‬بلا‭ ‬حدود،‭ ‬واليوم‭ ‬تتحول‭ ‬هذه‭ ‬الحكايات‭ ‬إلى‭ ‬ذكريات‭ ‬جميلة‭ ‬بأحداثها‭ ‬وأبطالها‭.‬

ومع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬جاءت‭ ‬به‭ ‬التقنيات‭ ‬ومؤثراتها‭ ‬ستبقى‭ ‬هذه‭ ‬الحزاوي‭ ‬وأحداثها‭ ‬تراثا‭ ‬أدبيا‭ ‬وتاريخا‭ ‬مجتمعيا‭ ‬لن‭ ‬يُفارق‭ ‬الذاكرة،‭ ‬ذاكرة‭ ‬الوطن‭ ‬والإنسان،‭ ‬وبفضل‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬توثيقه‭ ‬سيبقى‭ ‬راسخًا‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬دائمًا‭ ‬وأبدًا‭ ‬في‭ ‬حاضرنا‭ ‬ولمستقبل‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭. ‬

هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬جُهد‭ ‬كبير‭ ‬ومشروع‭ ‬وطني‭ ‬يضمن‭ ‬حفظ‭ ‬هذا‭ ‬التراث‭ ‬الأدبي‭ ‬الشعبي‭ ‬العريق‭ ‬ذي‭ ‬المضمون‭ ‬التربوي‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والإنساني‭ ‬من‭ ‬الضياع‭ ‬والنسيان،‭ ‬وحفظه‭ ‬يعني‭ ‬حفظ‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬البحرينية‭.‬