ومضة قلم

الموظف الرديف حل ممكن للبطالة

| محمد المحفوظ

لا‭ ‬أدري‭ ‬لماذا‭ ‬يكون‭ ‬مصير‭ ‬الأفكار‭ ‬المبدعة‭ ‬والخلاقة‭ ‬غالبا‭ ‬الانطفاء‭ ‬أو‭ ‬الفشل،‭ ‬إنّ‭ ‬أجمل‭ ‬الأفكار‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها‭ ‬إذا‭ ‬بقيت‭ ‬في‭ ‬إطارها‭ ‬النظري‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أنّ‭ ‬الفكرة‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬صباح‭ ‬الدوسري‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬“الموظف‭ ‬الرديف”‭ ‬كانت‭ ‬كفيلة‭ ‬بإنهاء‭ ‬إحدى‭ ‬أكبر‭ ‬أزماتنا‭ ‬المعاصرة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬البطالة‭. ‬

فكرة‭ ‬الوكيل‭ ‬تتلخص‭ ‬ببساطة‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬بـ‭ ‬“الموظف‭ ‬الرديف”،‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬إحلال‭ ‬المواطنين‭ ‬البحرينيين‭ ‬مكان‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القطاعات،‭ ‬وتعتمد‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬محاسب‭ ‬أجنبي‭ ‬مثلا‭ ‬فيجب‭ ‬توظيف‭ ‬مساعد‭ ‬بحريني‭ ‬له‭ ‬لمدة‭ ‬سنتين‭ ‬كي‭ ‬يتدرب‭ ‬معه‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬إحلاله‭ ‬في‭ ‬الوظيفة،‭ ‬والذي‭ ‬نتذكره‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬تطبيق‭ ‬أفكار‭ ‬شبيهة‭ ‬بـ‭ ‬“الموظف‭ ‬الرديف”‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬وأثمرت‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬للغاية‭ ‬وأمكن‭ ‬إيجاد‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الوظائف‭ ‬للمواطنين،‭ ‬نحن‭ ‬لدينا‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الخريجين‭ ‬المؤهلين‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التخصصات،‭ ‬وبإمكانهم‭ ‬شغل‭ ‬وظائف‭ ‬كمشرفين‭ ‬إداريين‭ ‬وفي‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬وبوسع‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخريجين‭ ‬التميّز‭ ‬لو‭ ‬أتيحت‭ ‬الفرصة‭ ‬لهم‭.‬

الحقيقة‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬ندري‭ ‬لماذا‭ ‬تم‭ ‬تجاهل‭ ‬مشروع‭ ‬بحجم‭ ‬وأهمية‭ ‬الموظف‭ ‬الرديف‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬تنطوي‭ ‬عليه‭ ‬الفكرة‭ ‬من‭ ‬إيجابيات‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها،‭ ‬وكان‭ ‬المجلس‭ ‬النيابيّ‭ ‬السابق‭ ‬قد‭ ‬درس‭ ‬قانونا‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬إحلال‭ ‬الموظفين‭ ‬البحرينيين‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬الموظفين‭ ‬الأجانب‭ ‬بشكل‭ ‬إلزامي،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬الموظف‭ ‬الأجنبي‭ ‬مؤقتا‭ ‬لفترة‭ ‬محددة‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تأهيل‭ ‬البحرينيّ‭ ‬إلزاميّا‭.‬

التجربة‭ ‬تم‭ ‬تطبيقها‭ ‬في‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬وحققت‭ ‬نجاحا‭ ‬فاق‭ ‬التصور،‭ ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬اقتصار‭ ‬بعض‭ ‬القطاعات‭ ‬ومجالات‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مخرجا‭ ‬لحالة‭ ‬البطالة‭ ‬الآخذة‭ ‬في‭ ‬التضخم‭ ‬بشكل‭ ‬تصعب‭ ‬السيطرة‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

مثل‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬تم‭ ‬تطبيقها‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬حصر‭ ‬32‭ ‬نشاطا‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬السعوديين،‭ ‬والمؤسف‭ ‬أنّه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬توجه‭ ‬للجهة‭ ‬المعنية‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬بحصر‭ ‬وظائف‭ ‬على‭ ‬البحرينيين‭ ‬رغم‭ ‬بقاء‭ ‬أعداد‭ ‬من‭ ‬الخريجين‭ ‬دون‭ ‬عمل،‭ ‬يبدو‭ ‬لنا‭ ‬أنّ‭ ‬المجلس‭ ‬النيابيّ‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬جادا‭ ‬في‭ ‬بحث‭ ‬معضلة‭ ‬هيمنة‭ ‬الأجانب‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مواقع‭ ‬التوظيف‭ ‬وخصوصا‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية،‭ ‬إذ‭ ‬إنّ‭ ‬من‭ ‬اقترح‭ ‬القانون‭ ‬اكتفى‭ ‬بطرح‭ ‬المقترح‭ ‬دون‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬معالجته‭ ‬مع‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭.‬