أنسنة

التعليم في البحرين... بين التطوير والتجارة (1)

| رجاء مرهون

ارتبط‭ ‬واقع‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬متقدمة‭ ‬عدة‭ ‬بثنائية‭ ‬“حق‭ ‬التعليم‭ ‬المجاني”‭ ‬و”جودة‭ ‬المخرجات”،‭ ‬كأساس‭ ‬لنهضة‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭ ‬وتطورها‭ ‬الصناعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والإنساني‭ ‬أيضاً‭. ‬

في‭ ‬فنلندا‭ ‬مثلا،‭ ‬والتي‭ ‬يكثر‭ ‬حديث‭ ‬البحرينيين‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬كنموذج‭ ‬في‭ ‬جودة‭ ‬التعليم‭ ‬وإلغاء‭ ‬الواجبات،‭ ‬يتلقى‭ ‬3‭ % ‬فقط‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬تعليمهم‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬خاصة،‭ ‬والتي‭ ‬تحظى‭ ‬بدعم‭ ‬مالي‭ ‬من‭ ‬الدولة،‭ ‬فيما‭ ‬97‭ % ‬من‭ ‬السكان‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬التابعة‭ ‬للحكومة‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭. ‬

في‭ ‬البحرين،‭ ‬نما‭ ‬التعليم‭ ‬الحكومي‭ ‬جنبا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬التعليم‭ ‬“الخاص”،‭ ‬استجابة‭ ‬لمتطلبات‭ ‬الواقع‭ ‬بما‭ ‬يفرضه‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬جاليات‭ ‬أجنبية‭ ‬لا‭ ‬تتحدث‭ ‬العربية‭ ‬مطلقا،‭ ‬وكذلك‭ ‬رغبة‭ ‬بعض‭ ‬الأسر‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬خدمات‭ ‬تعليمية‭ ‬تراها‭ ‬عوائل‭ ‬أفضل‭ ‬مما‭ ‬يقدم‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭. ‬

وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬سياسة‭ ‬“الانفتاح‭ ‬الاقتصادي”،‭ ‬منحت‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬العقد‭ ‬الماضي‭ ‬فرص‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬للمستثمر‭ ‬المحلي‭ ‬والأجنبي‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬فأنتج‭ ‬التوجه‭ ‬مؤسسات‭ ‬أكاديمية‭ ‬بمستوى‭ ‬جيد،‭ ‬وأخرى‭ ‬كانت‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬“الدكاكين‭ ‬التعليمية”‭.‬

واستكمالا‭ ‬للمنظومة‭ ‬التعليمية‭ ‬وتصحيحا‭ ‬لبعض‭ ‬الجوانب‭ ‬المشوهة‭ ‬آنذاك،‭ ‬أنشئت‭ ‬كيانات‭ ‬جديدة‭ (‬هيئة‭ ‬ضمان‭ ‬جودة‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب،‭ ‬ومجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭) ‬الذي‭ ‬أصدر‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬الحاسمة‭ ‬تجاه‭ ‬كليات‭ ‬و”جامعات”‭ ‬مخالفة،‭ ‬ما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬عودة‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬المفقودة‭ ‬لجودة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

قبل‭ ‬أيام،‭ ‬خرج‭ ‬علينا‭ ‬رئيس‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭ ‬منتقداً‭ ‬ما‭ ‬اعتبره‭ ‬“تشهيرا‭ ‬بالجامعات‭ ‬البحرينية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمستوى‭ ‬الجودة”،‭ ‬والذي‭ ‬أدى‭ ‬حسب‭ ‬ناس‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬“السياحة‭ ‬التعليمية”،‭ ‬وهو‭ ‬مصطلح‭ ‬جديد‭ ‬علينا‭ ‬بالمناسبة‭.‬

في‭ ‬ذات‭ ‬الجلسة،‭ ‬صرح‭ ‬ناس‭ ‬بـ‭ ‬“أنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الحري‭ ‬حل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلات‭ ‬والملاحظات‭ ‬خلف‭ ‬الأبواب‭ ‬الموصدة‭ ‬دون‭ ‬اعتماد‭ ‬وسيلة‭ ‬التشهير”،‭ ‬وهو‭ ‬حديث‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬رغبة‭ ‬الغرفة‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬نشر‭ ‬المخالفات‭ ‬المرتكبة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجامعات‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬وأمام‭ ‬العامة،‭ ‬وكذلك‭ ‬تقارير‭ ‬هيئة‭ ‬ضمان‭ ‬الجودة‭ ‬بشأنها‭.‬

هل‭ ‬يعتقد‭ ‬ممثلو‭ ‬التجار‭ ‬بأن‭ ‬غياب‭ ‬الشفافية‭ ‬والضبابية‭ ‬بشأن‭ ‬واقع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬يخدم‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم؟‭!‬

وفي‭ ‬مطالب‭ ‬التجار‭ ‬بشأن‭ ‬التعليم،‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الكلام‭ ‬ليقال‭... (‬يتبع‭).‬