أبسط حقوق ذوي الاحتياجات

| ياسمين خلف

لا‭ ‬شيء‭ ‬أقسى‭ ‬على‭ ‬الأم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬فلذة‭ ‬كبدها‭ ‬مختلفاً‭ ‬نوعاً‭ ‬ما‭ ‬عن‭ ‬أقرانه،‭ ‬تعلمه‭ ‬أبطأ،‭ ‬تجاوبه‭ ‬أقل،‭ ‬تأخره‭ ‬في‭ ‬النطق،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬معاناته‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الإعاقات‭ ‬الأخرى‭ ‬النفسية‭ ‬منها‭ ‬كانت‭ ‬أم‭ ‬الجسدية‭ ‬كفقدان‭ ‬البصر‭ ‬أو‭ ‬السمع‭ ‬والمشي،‭ ‬فبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬كون‭ ‬الأمر‭ ‬جللا‭ ‬على‭ ‬الوالدين،‭ ‬لا‭ ‬نزال‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬2019‭ ‬غير‭ ‬مؤهلين‭ ‬لاستقبال‭ ‬وتأهيل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال،‭ ‬فنزيدهم‭ ‬غربة‭ ‬على‭ ‬غربتهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬المعقدة‭.‬

أطفال‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الحضانة‭ ‬والروضة،‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬دورا‭ ‬تحتضنهم،‭ ‬توفر‭ ‬لهم‭ ‬ما‭ ‬يحتاجونه‭ ‬من‭ ‬رعاية‭ ‬أو‭ ‬تعليم‭ ‬“خاص”‭ ‬يضع‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬اختلافهم،‭ ‬والذي‭ ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬اختلافاً‭ ‬كبيراً‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬سيئاً،‭ ‬فلربما‭ ‬يمتلكون‭ ‬قدرات‭ ‬متميزة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬خارقة‭ ‬كالتي‭ ‬يتميز‭ ‬بها‭ ‬الأطفال‭ ‬المتوحدون،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬غير‭ ‬الإقصاء،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الاحتضان‭ ‬لتفجير‭ ‬القدرات‭ ‬الكامنة،‭ ‬وكأنما‭ ‬جاء‭ ‬هذا‭ ‬الطفل‭ ‬بجريرة‭ ‬إلى‭ ‬الدنيا،‭ ‬وعليه‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬وزرها‭. ‬

الآباء‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬حيرة‭ ‬وضياع،‭ ‬أين‭ ‬يذهبون‭ ‬بأطفالهم‭ ‬ليوفروا‭ ‬لهم‭ ‬أساسيات‭ ‬التعليم‭ ‬الخاص‭ ‬لممارسة‭ ‬أبسط‭ ‬سلوكيات‭ ‬الحياة،‭ ‬كالاعتماد‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬قضاء‭ ‬حاجتهم،‭ ‬أو‭ ‬لبس‭ ‬الملابس‭ ‬بأنفسهم‭ ‬مثلاً،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬دور‭ ‬الحضانات‭ ‬والروضات‭ ‬الأهلية‭ ‬ترفض‭ ‬استقبالهم،‭ ‬بحجة‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬الأخصائيين‭ ‬المؤهلين‭ ‬للتعامل‭ ‬معهم‭ - ‬ولهم‭ ‬كل‭ ‬الحق‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬توكل‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬إلى‭ ‬موظفة‭ ‬أو‭ ‬عاملة‭ ‬بسيطة‭ ‬لم‭ ‬تتلق‭ ‬التأهيل‭ ‬المناسب‭ ‬لهذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ - ‬فعلى‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬مؤسسة‭ ‬خاصة‭ ‬مجانية،‭ ‬وتوعز‭ ‬المهمة‭ ‬لوزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬لتنشئ‭ ‬حضانة‭ ‬وروضة‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬محافظة‭ ‬من‭ ‬محافظات‭ ‬المملكة،‭ ‬وأن‭ ‬توفر‭ ‬فيها‭ ‬الأخصائيين‭ ‬المؤهلين،‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬الاندماج‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬واللحاق‭ ‬بأقرانهم‭.‬

نعم‭ ‬هناك‭ ‬مراكز،‭ ‬ومؤسسات‭ ‬أهلية‭ ‬متخصصة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال،‭ ‬لكن‭ ‬بالله‭ ‬عليكم‭ ‬هل‭ ‬ألقيتم‭ ‬نظرة‭ ‬على‭ ‬رسومها‭ ‬ومواعيد‭ ‬جلسات‭ ‬التدريب‭ ‬والتعليم‭ ‬للطفل؟‭ ‬فهل‭ ‬ساعتين‭ ‬أو‭ ‬أربع‭ ‬ساعات‭ ‬كافية‭ ‬لرعاية‭ ‬الطفل‭ ‬وتعليمه؟‭ ‬خصوصاً‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الأمهات‭ ‬اليوم‭ ‬موظفات،‭ ‬فتتقاطع‭ ‬تلك‭ ‬الساعات‭ ‬مع‭ ‬دوامهن‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬التهام‭ ‬رسوم‭ ‬تلك‭ ‬المراكز‭ ‬ثلث‭ ‬راتبي‭ ‬الزوجين‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير،‭ ‬فارحموهم‭ ‬وارحموا‭ ‬أطفالهم‭. ‬

ياسمينة‭: ‬إنشاء‭ ‬دور‭ ‬حضانة‭ ‬وروضة‭ ‬لفئة‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ‬حاجة‭ ‬ملحة‭ ‬لا‭ ‬تتحمل‭ ‬أي‭ ‬تأخير‭.‬