رؤيا مغايرة

تركوا السلمانية بحثاً عن العلاج!

| فاتن حمزة

قالت‭ ‬مصادر‭ ‬مطلعة‭ ‬إن‭ ‬قسم‭ ‬الأورام‭ ‬بمستشفى‭ ‬السلمانية‭ ‬الطبي‭ ‬قام‭ ‬بترخيص‭ ‬مرضى‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬توفر‭ ‬الأدوية‭ ‬اللازمة‭ ‬لعلاجهم،‭ ‬وطلبوا‭ ‬منهم‭ ‬العودة‭ ‬لمنازلهم،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يخضعوا‭ ‬للعلاج‭ ‬فورًا،‭ ‬وأوضحت‭ ‬المصادر‭ ‬عدم‭ ‬توفر‭ ‬دواء‭ ‬“لوكوفيرين”،‭ ‬والذي‭ ‬يستخدم‭ ‬لزيادة‭ ‬فعالية‭ ‬الأدوية‭ ‬الكيميائية‭ ‬كعقار‭ ‬مساند،‭ ‬ودواء‭ ‬“فلودارابين”،‭ ‬ويتم‭ ‬استخدامهما‭ ‬لعلاج‭ ‬مرضى‭ ‬سرطان‭ ‬الدم‭ ‬“اللوكيميا”،‭ ‬وسرطان‭ ‬القولون‭.‬

أسبوعان‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬نفدت‭ ‬جميع‭ ‬كميات‭ ‬الأدوية‭ ‬المذكورة‭ ‬من‭ ‬صيدلية‭ ‬ومخازن‭ ‬المستشفى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬لتأخر‭ ‬علاج‭ ‬المرضى،‭ ‬وتسبب‭ ‬في‭ ‬تدهور‭ ‬حالتهم‭ ‬الصحية‭.‬

أشار‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬الأخير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬لجنة‭ ‬ضبط‭ ‬وترشيد‭ ‬الإنفاق‭ ‬وتعزيز‭ ‬الدخل‭ ‬والإنتاجية‭ ‬بوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬قامت‭ ‬بتقليل‭ ‬كميات‭ ‬الاحتياجات‭ ‬المخطط‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قسم‭ ‬إدارة‭ ‬المخزون‭ ‬لمناقصات‭ ‬شراء‭ ‬الأدوية‭ ‬بصورة‭ ‬جوهرية،‭ ‬ما‭ ‬ترتب‭ ‬عليه‭ ‬نفاد‭ ‬مخزون‭ ‬بعض‭ ‬الأدوية‭ ‬من‭ ‬المخازن‭ ‬وأثر‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬المستخدمين‭!‬

المضحك‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬فقدان‭ ‬الأدوية‭ ‬وعدم‭ ‬وجودها‭ ‬لا‭ ‬يعادله‭ ‬سوى‭ ‬فقدان‭ ‬الحلول‭ ‬للأسباب‭.‬

من‭ ‬الغرائب‭ ‬أن‭ ‬يغادر‭ ‬المرضى‭ ‬السلمانية‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬العلاج،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يلجأوا‭ ‬إليها‭ ‬بحثاً‭ ‬عنه،‭ ‬هل‭ ‬ننشغل‭ ‬بالأمثال‭ ‬وننسى‭ ‬المنهج‭! ‬فعدم‭ ‬وجود‭ ‬العلاج‭ ‬مجرد‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬المنهج،‭ ‬وما‭ ‬لم‭ ‬نحل‭ ‬القضية‭ ‬من‭ ‬جذورها‭ ‬ستتكرر‭ ‬المشكلة‭ ‬ولكن‭ ‬بصور‭ ‬مختلفة‭.‬

لم‭ ‬أتفاجأ‭ ‬بالمشكلة،‭ ‬بل‭ ‬لن‭ ‬أستغرب‭ ‬لو‭ ‬حدث‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أسوأ‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬قابل‭ ‬الأيام،‭ ‬والسبب‭ ‬بسيط،‭ ‬فطعام‭ ‬الواحد‭ ‬قد‭ ‬يكفي‭ ‬اثنين‭ ‬وربما‭ ‬ثلاثة‭ ‬ولكن‭ ‬يقيناً‭ ‬لن‭ ‬يكفي‭ ‬أكثر،‭ ‬واللبيب‭ ‬بالإشارة‭ ‬يفهم‭. ‬

كررناها‭ ‬مرارا‭ ‬ولن‭ ‬نمل‭ ‬من‭ ‬تكرارها،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬حرق‭ ‬دينار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬درهم،‭ ‬فالزيادة‭ ‬غير‭ ‬المعقولة‭ ‬وغير‭ ‬المبررة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬من‭ ‬يكترث‭ ‬بها‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬ستكون‭ ‬وبالا‭ ‬علينا‭ ‬في‭ ‬الغد،‭ ‬عندما‭ ‬يتسع‭ ‬الخرق‭ ‬على‭ ‬الراقع‭.‬

ليس‭ ‬من‭ ‬المعيب‭ ‬أن‭ ‬ندخل‭ ‬نفقا‭ ‬خاطئا،‭ ‬لكن‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬نستمر‭ ‬فيه،‭ ‬وحل‭ ‬الرائحة‭ ‬الكريهة‭ ‬ليس‭ ‬برش‭ ‬معطر‭ ‬الجو،‭ ‬بل‭ ‬بعلاج‭ ‬منبع‭ ‬الرائحة،‭ ‬كذلك‭ ‬مشاكلنا‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تتفاقم،‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬فيها‭ ‬حل‭ ‬كل‭ ‬مشكلة‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬عندما‭ ‬تقع،‭ ‬بل‭ ‬حل‭ ‬أسباب‭ ‬وقوعها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتكرر‭.‬

وختاماً،‭ ‬ألم‭ ‬تلاحظوا‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أتكلم‭ ‬عن‭ ‬أصل‭ ‬المشلكة‭ ‬أي‭ ‬علاج‭ ‬مرضى‭ ‬السرطان،‭ ‬لأن‭ ‬الموضوع‭ ‬ببساطة‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬صورة‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬نعجز‭ ‬عن‭ ‬مجرد‭ ‬سردها،‭ ‬فكيف‭ ‬بحلها؟‭.‬