تصور‭ ‬الحياة‭ ‬بلا‭ ‬طموح‭!‬

| أحمد البحر

سألت‭ ‬الشاب‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬معي‭ ‬مساعدًا‭ ‬في‭ ‬وظيفة‭ ‬مراسل‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬راضيًا‭ ‬عن‭ ‬وضعه‭ ‬المهني‭ ‬أم‭ ‬يمكننا‭ ‬العمل‭ ‬معًا‭ ‬لوضع‭ ‬برنامج‭ ‬تدريبي‭ ‬له‭ ‬يؤهله‭ ‬للترقي‭ ‬إلى‭ ‬وظيفة‭ ‬أعلى‭. ‬

اعتدت‭ ‬أن‭ ‬أسال‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬ذاك‭ ‬السؤال‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬أو‭ ‬شهرين‭ ‬ويكون‭ ‬جوابه‭ ‬المعهود‭: ‬أنا‭ ‬راضٍ‭ ‬عن‭ ‬وضعي‭ ‬ولا‭ ‬أريد‭ ‬الالتحاق‭ ‬بأي‭ ‬برنامج‭ ‬تدريبي‭. ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬كنت‭ ‬صارمًا‭ ‬معه‭ ‬بعض‭ ‬الشيء،‭ ‬فقد‭ ‬أخبرته‭ ‬بأنه‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يواصل‭ ‬دراسته‭ ‬حتى‭ ‬ينهي‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬سأقوم‭ ‬بإبلاغ‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬بعدم‭ ‬حاجتي‭ ‬إليه‭. ‬ورد‭ ‬الشاب‭ ‬وبصوت‭ ‬مضطرب‭: ‬يكفي‭ ‬أني‭ ‬انهيت‭ ‬المرحلة‭ ‬الإعدادية‭. ‬أنا‭ ‬راضٍ‭ ‬عن‭ ‬وظيفتي‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬وظيفة‭ ‬والدي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬سابقًا‭ ‬وأعطيت‭ ‬لي‭ ‬بعد‭ ‬تقاعده‭. ‬أرجو‭ ‬أن‭ ‬تتفهم‭ ‬هذا‭.‬

يقول‭ ‬أحد‭ ‬خبراء‭ ‬الإدارة‭ ‬’’عندما‭ ‬تؤمن‭ ‬بشيء،‭ ‬اعلم‭ ‬أن‭ ‬لديك‭ ‬ما‭ ‬تعيش‭ ‬من‭ ‬أجله،‭ ‬وهذا‭ ‬يساعدك‭ ‬في‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أحلك‭ ‬الظروف‘‘،‭ ‬والعكس‭ ‬صحيح‭ ‬فالحياة‭ ‬الفارغة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬هدف‭ ‬هي‭ ‬حياة‭ ‬باهتة‭ ‬مملة‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها،‭ ‬يصبح‭ ‬فيها‭ ‬الإنسان‭ ‬جامدًا‭ ‬ومهزومًا‭ ‬وخاملًا‭ ‬يعيش‭ ‬يومه‭ ‬كما‭ ‬عاش‭ ‬أمسه‭ ‬وسوف‭ ‬يعيش‭ ‬غده‭. ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬حرم‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬نعمة‭ ‬التفكير‭ ‬فأفقده‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬للحياة‭ ‬وهو‭ ‬الطموح‭. ‬هكذا‭ ‬كان‭ ‬حال‭ ‬ذلك‭ ‬الشاب‭ ‬وهكذا‭ ‬كان‭ ‬التوجه‭ ‬الذهني‭ (‬attitude‭) ‬لديه‭.‬

تذكرت‭ ‬وأنا‭ ‬أعرض‭ ‬لك،‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ،‭ ‬موقف‭ ‬الشاب‭ ‬حكاية‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬قرأتها‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬وهي‭ ‬تكاد‭ ‬تماثل‭ ‬ذلك‭ ‬الموقف‭. ‬الحكاية‭ ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬كاد‭ ‬هناك‭ ‬شخص‭ ‬يصطاد‭ ‬سمكًا‭ ‬وكلما‭ ‬اصطاد‭ ‬واحدة‭ ‬أعادها‭ ‬إلى‭ ‬المياه‭. ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬الغريب‭ ‬دفع‭ ‬أحدهم‭ ‬ليسأله‭ ‬عن‭ ‬السبب‭. ‬جاء‭ ‬الجواب‭ ‬أكثر‭ ‬غرابة‭ ‬من‭ ‬التصرف‭ ‬ذاته،‭ ‬فقد‭ ‬أجاب‭ ‬الشخص‭ ‬وبنبرة‭ ‬جادة‭ ‬وواثقة‭: ‬أنا‭ ‬أرمي‭ ‬السمك‭ ‬الذي‭ ‬يكون‭ ‬حجمه‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬سعة‭ ‬مقلاتي‭ ‬هذه‭ ‬فأنا‭ ‬أريد‭ ‬سمكة‭ ‬بنفس‭ ‬مقاس‭ ‬هذه‭ ‬المقلاة‭ ‬التي‭ ‬ورثتها‭ ‬عن‭ ‬أبي‭ ‬والذي‭ ‬ورثها‭ ‬هو‭ ‬عن‭ ‬أبيه‭!‬

إنني‭ ‬أؤمن‭ ‬أن‭ ‬الطموح‭ ‬يحمل‭ ‬مفاتيح‭ ‬معنى‭ ‬الحياة‭! ‬مارأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ؟