زبدة القول

ضجة في معرض القاهرة الدولي للكتاب

| د. بثينة خليفة قاسم

الذي‭ ‬يعرف‭ ‬اللهجة‭ ‬المصرية‭ ‬حتما‭ ‬سيعرف‭ ‬سبب‭ ‬الضجة‭ ‬التي‭ ‬ثارت‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬بمناسبة‭ ‬افتتاح‭ ‬معرض‭ ‬القاهرة‭ ‬الدولي‭ ‬للكتاب‭ ‬في‭ ‬يوبيله‭ ‬الذهبي‭.‬

ففي‭ ‬الدورة‭ ‬الخمسين‭ ‬لمعرض‭ ‬القاهرة‭ ‬للكتاب‭ ‬فوجئ‭ ‬المثقفون‭ ‬والقراء‭ ‬ورواد‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بصدور‭ ‬كتابين‭ ‬تحت‭ ‬عنوانين‭ (‬ولاد‭ ‬المرة‭... ‬وولاد‭ ‬الوسخة‭).‬

ولكي‭ ‬نبسط‭ ‬الأمر‭ ‬لمن‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬اللهجة‭ ‬المصرية،‭ ‬فكلمة‭ (‬المرة‭) ‬بفتح‭ ‬الراء‭ ‬وليس‭ ‬بتشديدها‭ ‬والتي‭ ‬تعني‭ ‬المرأة‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬الكلمات‭ ‬البذيئة‭ ‬في‭ ‬العامية‭ ‬المصرية،‭ ‬أما‭ ‬عبارة‭ (‬ولاد‭ ‬الوسخة‭) ‬فلا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬شرح‭.‬

وعندما‭ ‬علم‭ ‬المثقفون‭ ‬والقراء‭ ‬ورواد‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بصدور‭ ‬كتابين‭ ‬تحت‭ ‬العنوانين‭ ‬السابقين‭ ‬حدثت‭ ‬ضجة‭ ‬كبيرة‭ ‬وتم‭ ‬رفض‭ ‬الكتابين‭ ‬لمجرد‭ ‬صدورهما‭ ‬بهذين‭ ‬العنوانين‭ ‬المخالفين‭ ‬للتقاليد‭ ‬وأخلاق‭ ‬المجتمع‭.‬

والذي‭ ‬زاد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬لدى‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬الدار‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬الكتابين‭ ‬تسمى‭ ‬دار‭ ‬“مهذبون”‭.‬

وازداد‭ ‬الأمر‭ ‬اشتعالا‭ ‬وازدادت‭ ‬دهشة‭ ‬الكثيرين‭ ‬عندما‭ ‬صرحت‭ ‬وزيرة‭ ‬الثقافة‭ ‬المصرية‭ ‬خلال‭ ‬افتتاح‭ ‬معرض‭ ‬القاهرة‭ ‬للكتاب‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬بأن‭ ‬مضمون‭ ‬الكتابين‭ ‬مضمون‭ ‬جيد‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بالعنوانين‭ ‬المذكورين‭.‬

وبين‭ ‬عشية‭ ‬وضحاها‭ ‬أصبح‭ ‬الكتابان‭ ‬محور‭ ‬حديث‭ ‬واهتمام‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المصريين،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬سينتقل‭ ‬نفس‭ ‬الاهتمام‭ ‬لمواطني‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬يصطدم‭ ‬بالأخلاق‭ ‬والتقاليد‭ ‬يصبح‭ ‬محل‭ ‬اهتمام‭ ‬الجميع،‭ ‬فتجد‭ ‬الكل‭ ‬ينتقده‭ ‬وتجد‭ ‬الكل‭ ‬يبحث‭ ‬عنه‭ ‬ويحرص‭ ‬على‭ ‬اقتنائه‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يحدث‭ ‬مع‭ ‬رواية‭ ‬أولاد‭ ‬حارتنا‭ ‬للأديب‭ ‬الكبير‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ناشر‭ ‬الكتابين‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬النشر‭ ‬لديه‭ ‬مجرد‭ ‬هواية‭ ‬وإنه‭ ‬لا‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬الكسب،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬أكثر‭ ‬الرابحين‭ ‬ماديا‭ ‬من‭ ‬معرض‭ ‬الكتاب‭ ‬ومن‭ ‬الناشرين‭ ‬عموما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مبيعات‭ ‬هذين‭ ‬الكتابين‭.‬

أنا‭ ‬شخصيا‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬شيئا‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬عن‭ ‬مضمون‭ ‬هذين‭ ‬الكتابين،‭ ‬لكنني‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬أبرئ‭ ‬الكاتب‭ ‬أو‭ ‬الناشر‭ ‬من‭ ‬نية‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الربح‭ ‬من‭ ‬هذين‭ ‬العنوانين‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬الاستطلاع،‭ ‬خصوصا‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالمحرمات‭ ‬والخروج‭ ‬عن‭ ‬المألوف‭ ‬في‭ ‬عادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬المجتمع‭.‬