من جديد

مجالس النساء

| د. سمر الأبيوكي

يغلب‭ ‬طابع‭ ‬الأحاديث‭ ‬المطاطية‭ ‬على‭ ‬مجالس‭ ‬النساء‭ ‬اللاتي‭ ‬اعتدن‭ ‬الالتقاء‭ ‬صباحا‭ ‬أو‭ ‬عصرا‭ ‬على‭ ‬فنجان‭ ‬من‭ ‬الشاي‭ ‬أو‭ ‬قهوة‭ ‬مصاحبة‭ ‬للحلويات،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬قصص‭ ‬القيل‭ ‬والقال،‭ ‬خصوصا‭ ‬بين‭ ‬النساء‭ ‬اللاتي‭ ‬لا‭ ‬تعملن‭ ‬أو‭ ‬قضين‭ ‬وقتا‭ ‬كافيا‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭ ‬لهن‭ ‬للاسترخاء‭ ‬وتبادل‭ ‬الأحاديث‭.‬

هكذا‭ ‬تبدو‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬عن‭ ‬جلسات‭ ‬النسوة‭ ‬عند‭ ‬الأغلبية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬تكاد‭ ‬تنقرض‭ ‬أو‭ ‬تكون‭ ‬مقننة‭ ‬جدا‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تعيشه‭ ‬المرأة‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬عصر‭ ‬ذهبي‭ ‬وانشغال‭ ‬بامتياز‭ ‬أزاح‭ ‬عنها‭ ‬صفة‭ ‬الثرثرة،‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬القليلات‭ ‬اللاتي‭ ‬تتبعن‭ ‬الغير‭ ‬عن‭ ‬إعجاب‭ ‬أو‭ ‬حسد‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬عولمة‭ ‬جبارة‭ ‬يحتم‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هم‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬متكررة‭ ‬لعبور‭ ‬طريق‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬خط‭ ‬لنفسه‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظافره‭ ‬دون‭ ‬الالتفات‭ ‬يمينا‭ ‬أو‭ ‬يسارا،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الالتفات‭ ‬مضيعة‭ ‬للوقت‭ ‬وعثرة‭ ‬مخبأة‭ ‬قد‭ ‬تحيدك‭ ‬عن‭ ‬الطريق‭ ‬المنشود‭.‬

وقد‭ ‬وجدت‭ ‬كثيرات‭ ‬يتفقن‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬سلك‭ ‬ذلك‭ ‬المفهوم‭ ‬الجديد‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الصور‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬توسم‭ ‬بها‭ ‬النساء‭ ‬سابقا،‭ ‬وكدليل‭ ‬قاطع‭ ‬على‭ ‬دحض‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬باتت‭ ‬النساء‭ ‬حاليا‭ ‬تتباهين‭ ‬بأعمارهن‭ ‬كون‭ ‬العمر‭ ‬دليلا‭ ‬حقيقيا‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الإنجاز‭ ‬والعطاء،‭ ‬والحق‭ ‬يقال‭ ‬إنني‭ ‬من‭ ‬اللاتي‭ ‬يجدن‭ ‬متعة‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬تاريخ‭ ‬ميلادهن‭ ‬كونه‭ ‬يعني‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬والحكايات‭ ‬والتجارب‭ ‬والمعرفة،‭ ‬فلا‭ ‬فائدة‭ ‬حقيقية‭ ‬من‭ ‬انتقاص‭ ‬سنوات‭ ‬العمر‭ ‬التي‭ ‬جلبت‭ ‬لنا‭ ‬الحكمة‭ ‬والهدوء‭ ‬والثبات‭.‬

في‭ ‬صور‭ ‬أخرى‭ ‬ترى‭ ‬كثيرات‭ ‬منهمكات‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬حلم‭ ‬راودهن‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة‭ ‬أو‭ ‬أخريات‭ ‬غارقات‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬منعطفات‭ ‬حياتية‭ ‬مررن‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للتحليل‭ ‬ورصد‭ ‬نتائج‭ ‬معينة،‭ ‬قد‭ ‬تساعدهن‭ ‬على‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬قريبة‭ ‬تصل‭ ‬بهن‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬السبيل‭.‬

لقد‭ ‬سئمت‭ ‬المرأة‭ ‬وسمها‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يمت‭ ‬لها‭ ‬بصلة‭ ‬حتى‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تستمع‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تثرثر‭ ‬به‭ ‬الأخرى‭ ‬فهي‭ ‬تستخلص‭ ‬قيمة‭ ‬مفيدة‭ ‬من‭ ‬قصة‭ ‬ممتعة‭ ‬تمتمت‭ ‬بها‭ ‬إحداهن‭ ‬أثناء‭ ‬ارتشافها‭ ‬القهوة‭ ‬الساخنة‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭ ‬لكي‭ ‬تبرد‭ ‬قبل‭ ‬تناولها‭.‬

 

ومضة‭: ‬لا‭ ‬عزاء‭ ‬للمتشبثات‭ ‬بالصورة‭ ‬النمطية‭ ‬للمرأة‭ ‬سوى‭ ‬أنها‭ ‬تضيع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬وقتها‭ ‬وجهدها‭ ‬في‭ ‬رصد‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬له‭ ‬الأخريات‭ ‬دون‭ ‬تحريك‭ ‬ساكن‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬درامي‭ ‬يملؤه‭ ‬البؤس‭ ‬والهزيمة‭ ‬والشقاء‭.‬