ريشة في الهواء

ضاع البحر وضاع المواطن

| أحمد جمعة

المحرق‭ ‬عاصمة‭ ‬البحر‭ ‬والشواطئ،‭ ‬كانت‭ ‬جزيرة‭ ‬السعادة‭ ‬عندما‭ ‬تقف‭ ‬بساحل‭ ‬وتشاهد‭ ‬مساحة‭ ‬البحر‭ ‬تمتد‭ ‬أمامك‭ ‬بأفق‭ ‬بهيج‭ ‬فتمتلأ‭ ‬نفسك‭ ‬بالبهجة،‭ ‬فالمحرق‭ ‬عاصمة‭ ‬السعادة‭ ‬حتى‭ ‬غزتها‭ ‬الجزر‭ ‬الصناعية‭ ‬وحولتها‭ ‬لشواطئ‭ ‬وسواحل‭ ‬خاصة‭ ‬ترتادها‭ ‬نخبة‭ ‬محدودة‭ ‬برخص‭ ‬وبطاقات،‭ ‬وأغلقت‭ ‬بوجه‭ ‬العامة‭ ‬حتى‭ ‬أقرب‭ ‬نقطة‭ ‬هنا‭ ‬قرب‭ ‬ساحل‭ ‬الحد‭ ‬وعند‭ ‬حافة‭ ‬شاطئ‭ ‬الصيادين‭ ‬وباحة‭ ‬بيع‭ ‬السمك‭ ‬أغلقت‭ ‬أخيراً‭ ‬كآخر‭ ‬مكان‭ ‬ترى‭ ‬فيه‭ ‬البحرين،‭ ‬ووضعت‭ ‬حواجز‭ ‬خاصة‭ ‬وأصبح‭ ‬البحر‭ ‬كله‭ ‬مشروعا‭ ‬تجاريا‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬المحرق‭ ‬مدينة‭ ‬السعادة‭ ‬إلا‭ ‬لفئة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الدفع‭ ‬وعبور‭ ‬الحواجز‭.‬

فقدت‭ ‬الحركة‭ ‬والترفيه‭ ‬والتمتع‭ ‬بالطبيعة‭ ‬التي‭ ‬وهبها‭ ‬الله‭ ‬للمواطن‭ ‬عبر‭ ‬شواطئ‭ ‬وسواحل‭ ‬المحرق،‭ ‬ومن‭ ‬هدوء‭ ‬ووداعة‭ ‬وجمال‭ ‬وتوفر‭ ‬الصيد‭ ‬للأسماك‭ ‬الطيبة،‭ ‬ليحل‭ ‬الشعور‭ ‬بخيبة‭ ‬الأمل‭ ‬والحسرة‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الشواطئ‭ ‬والسواحل‭ ‬التي‭ ‬ابتلعتها‭ ‬الحفارات‭ ‬الكبيرة‭ ‬لتحولها‭ ‬إلى‭ ‬جزر‭ ‬ومدن‭ ‬وبنايات‭ ‬هائلة‭ ‬الارتفاع‭ ‬وفنادق‭ ‬وسوبرماركت‭ ‬بل‭ ‬ومطاعم‭ ‬وشركات‭ ‬تستثمر‭ ‬هذا‭ ‬البحر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬حتى‭ ‬القريب‭ ‬ملكاً‭ ‬لأهالي‭ ‬المحرق‭ ‬فكيف‭ ‬اختفى‭ ‬منهم؟

كيف‭ ‬تبخر‭ ‬هذا‭ ‬السحر‭ ‬والجمال‭ ‬ليتحول‭ ‬إلى‭ ‬مضاربات‭ ‬مالية‭ ‬وأرقام‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬السوق،‭ ‬بل‭ ‬لم‭ ‬يكتف‭ ‬بذلك‭ ‬بل‭ ‬مازالت‭ ‬تلك‭ ‬الحفارات‭ ‬العملاقة‭ ‬تقضم‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬البحر‭ ‬غير‭ ‬مبالية‭ ‬بمشاعر‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المشارف‭ ‬ويحلم‭ ‬بالبحر،‭ ‬ليس‭ ‬أمامنا‭ ‬سوى‭ ‬شعبنا‭ ‬ومستقبله‭ ‬وراحة‭ ‬باله‭ ‬واستقراره،‭ ‬فكلما‭ ‬اهتممنا‭ ‬بخدمته‭ ‬كلما‭ ‬أرحنا‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬الوفي‭ ‬ووفرنا‭ ‬له‭ ‬الخير‭ ‬والسعادة‭ ‬والرخاء‭.‬

عندما‭ ‬تريد‭ ‬الوقوف‭ ‬مساء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المناخ‭ ‬الأخاذ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬أمام‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬وتسرح‭ ‬بنظرك‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬المشرق‭ ‬خلال‭ ‬خيرات‭ ‬هذا‭ ‬البحر‭ ‬وخيرات‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬ثروة‭ ‬الوطن‭ ‬الحقيقية‭ ‬وثروة‭ ‬الناس‭ ‬الأوفياء‭ ‬المخلصين‭ ‬والمدافعين‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الوطن،‭ ‬لهذا‭ ‬أقول‭ ‬أنصفوا‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬ولا‭ ‬تضيقوا‭ ‬عليه،‭ ‬فأبسط‭ ‬ما‭ ‬يتمناه‭ ‬اليوم‭ ‬ويتطلع‭ ‬إليه‭ ‬حرية‭ ‬ارتياد‭ ‬الشواطئ‭ ‬والسواحل‭ ‬التي‭ ‬أصبح‭ ‬ارتيادها‭ ‬مكلفاً‭ ‬بواسطة‭ ‬حجز‭ ‬مسبق‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الجزر،‭ ‬هذه‭ ‬تكلفة‭ ‬رؤية‭ ‬البحر‭ ‬والاستمتاع‭ ‬به‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬متاحا‭ ‬مجانا‭ ‬للشعب‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬فقد‭ ‬حتى‭ ‬البحر‭ ‬لصالح‭ ‬النخبة‭ ‬المالية‭.‬

تنويرة‭:‬

الدواء‭ ‬قاتل‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تعرف‭ ‬الداء‭.‬