سوالف

رواتب القطاع الخاص... رجل يقف على ساق واحدة

| أسامة الماجد

مع‭ ‬دخولنا‭ ‬ميدان‭ ‬ضريبة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تحليل‭ ‬آثارها‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬خصوصا‭ ‬“الشركات‭ ‬والمؤسسات”‭ ‬التي‭ ‬ترفض‭ ‬زيادة‭ ‬الرواتب‭ ‬بأعلى‭ ‬درجات‭ ‬القسوة‭ ‬بحجة‭ ‬ضعف‭ ‬الميزانية‭ ‬وأزمة‭ ‬المديونية،‭ ‬فهناك‭ ‬موظفون‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬أشبه‭ ‬بتمثال‭ ‬للحزن‭ ‬العميق‭ ‬بسبب‭ ‬رواتبهم‭ ‬المتدنية‭ ‬والضعيفة،‭ ‬وتدور‭ ‬مشاكلهم‭ ‬في‭ ‬ساقية‭ ‬مفرغة،‭ ‬فبعضهم‭ ‬يعمر‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬مستوياتهم‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬الكفاءة‭ ‬والتدريب‭ ‬والإبداع‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬“الراتب‭ ‬محلك‭ ‬سر”،‭ ‬وكل‭ ‬المحاولات‭ ‬التي‭ ‬تبذل‭ ‬لزيادة‭ ‬رواتب‭ ‬هؤلاء‭ ‬ظلت‭ ‬باهتة‭ ‬لأنها‭ ‬تواجه‭ ‬حربا‭ ‬ضارية‭ ‬يشنها‭ ‬أصحاب‭ ‬الشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬“أرباب‭ ‬العمل”،‭ ‬وكأن‭ ‬المواطن‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬عليه‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬الرعاية‭ ‬الكافية‭ ‬وبأجور‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬إلا‭ ‬لقاعدة‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬أمزجة‭ ‬“أرباب‭ ‬العمل”‭.‬

تفاصيل‭ ‬معاناة‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬موظفي‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬كثيرة‭ ‬ورهيبة‭ ‬ومذهلة،‭ ‬فمعظمهم‭ ‬يستهلك‭ ‬طاقته‭ ‬الإنتاجية‭ ‬في‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة‭ ‬حيث‭ ‬يمتص‭ ‬أرباب‭ ‬العمل‭ ‬دماءهم‭ ‬قطرة‭ ‬قطرة،‭ ‬ومقابل‭ ‬كم‭... ‬حفنة‭ ‬دنانير‭ ‬لا‭ ‬تؤمن‭ ‬مستقبلهم‭ ‬ومستقبل‭ ‬أولادهم‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬حملوا‭ ‬بين‭ ‬ثنايا‭ ‬صدورهم‭ ‬غصة‭ ‬الألم‭ ‬ورضوا‭ ‬بهذا‭ ‬الواقع‭ ‬العنيف‭ ‬والقاسي،‭ ‬يقضي‭ ‬نهاره‭ ‬كله‭ ‬يحترق‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬ويأتي‭ ‬الليل‭ ‬ويمتد‭ ‬صمته‭ ‬كغابة‭ ‬تحترق‭ ‬حينما‭ ‬يشاهد‭ ‬أولاده‭ ‬لدقائق‭ ‬معدودات‭ ‬ثم‭ ‬ينتظر‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬رنة‭ ‬خطوات‭ ‬النوم‭ ‬لاستقبال‭ ‬يوم‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬والبهدلة‭.‬

راتب‭ ‬ضعيف‭ ‬مجمد‭ ‬مخنوق‭ ‬ومحاصر‭ ‬بين‭ ‬أقبية‭ ‬أرباب‭ ‬العمل،‭ ‬ومازلت‭ ‬أذكر‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬لي‭ ‬أحد‭ ‬المواطنين‭ ‬وهو‭ ‬يضع‭ ‬الحسرة‭ ‬أمامه‭... ‬يقول‭ (‬أخرج‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬الساعة‭ ‬الخامسة‭ ‬والنصف‭ ‬صباحا‭ ‬وأعمل‭ ‬مع‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭ ‬لغاية‭ ‬الخامسة‭ ‬مساء،‭ ‬يتخللها‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬للراحة”،‭ ‬وآخر‭ ‬الشهر‭ ‬أستلم‭ ‬حفنة‭ ‬دنانير‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬حتى‭ ‬لخمسة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬وأحصل‭ ‬على‭ ‬يوم‭ ‬إجازة‭ ‬فقط‭... ‬أشعر‭ ‬أنني‭ ‬أعمل‭ ‬فوق‭ ‬طاقتي‭ ‬ولكن‭ ‬دون‭ ‬فائدة‭... ‬قرأت‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬تحسين‭ ‬الأجور‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬نحسد‭ ‬الموظفين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الامتيازات‭ ‬والراحة‭ ‬التي‭ ‬يتمتعون‭ ‬بها‭).‬

مازالت‭ ‬الإجراءات‭ ‬الكفيلة‭ ‬بمساعدة‭ ‬هؤلاء‭ ‬المواطنين‭ ‬بلا‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭.‬