“فوحه‭ ‬واشرب‭ ‬مايه”

| سعيد محمد

ما‭ ‬عاد‭ ‬المواطن‭ ‬يتحمل‭ ‬“بهرجة‭ ‬بعض‭ ‬الفئات”‭ ‬وفرقعاتها‭ ‬الإعلامية،‭ ‬وما‭ ‬عاد‭ ‬للمواطن،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يتطلع‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬المعيشية‭ ‬والخدمية،‭ ‬مزاج‭ ‬أو‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬تقبل‭ ‬الوعود‭ ‬الوردية‭ ‬الفضفاضة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬كان،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬يستغرب‭ ‬انتشار‭ ‬مقاطع‭ ‬صوتية‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المواطنين،‭ ‬رجالًا‭ ‬ونساءً،‭ ‬توجه‭ ‬الكلام‭ ‬لبعض‭ ‬المسؤولين،‭ ‬لاذعة‭ ‬اللهجة‭ ‬حينًا‭ ‬ولينة‭ ‬حينًا‭ ‬آخر‭ ‬عن‭ ‬معاناتهم‭ ‬ومشكلاتهم‭! ‬

ولو‭ ‬أعدنا‭ ‬جمع‭ ‬التوجيهات‭ ‬والكلمات‭ ‬والتصريحات‭ ‬واللقاءات‭ ‬التي‭ ‬تشدد‭ ‬فيها‭ ‬قيادة‭ ‬البلاد‭ ‬الرشيدة‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬بشؤون‭ ‬المواطنين‭ ‬واحتياجاتهم،‭ ‬والنظر‭ ‬في‭ ‬أحوالهم‭ ‬والاقتراب‭ ‬منهم،‭ ‬لوجدناها‭ ‬صريحة‭ ‬وواضحة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬“رضا‭ ‬المواطن”‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬القائمة،‭ ‬ويلزم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مسؤول‭ ‬أن‭ ‬يطبقه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمل‭ ‬منجز‭ ‬يشعر‭ ‬به‭ ‬المواطن‭. ‬أما‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬كلام‭ ‬معسول‭ ‬يلقيه‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬أو‭ ‬النواب‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬شخصية‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شاردة‭ ‬وواردة‭ ‬ولا‭ ‬يحقق‭ ‬تلك‭ ‬الغاية،‭ ‬فما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬هرج‭ ‬في‭ ‬مرج،‭ ‬وهنا،‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬نائبا‭ ‬أم‭ ‬مسؤولا‭ ‬همك‭ ‬الأول‭ ‬والأكبر‭ ‬والأوضح‭ ‬والأضخم‭ ‬أن‭ ‬تتفنن‭ ‬في‭ ‬التصريحات‭ ‬البراقة،‭ ‬والكلمات‭ ‬والخطب‭ ‬الرنانة،‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬يحصل‭ ‬المواطن‭ ‬على‭ ‬أيسر‭ ‬قدر‭ ‬مما‭ ‬يتوجب‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬تجاهه،‭ ‬فكلامك‭ ‬وتصريحاتك‭ ‬وخطبك‭ ‬“فوحها‭ ‬واشرب‭ ‬مايها”‭.‬

وإذا‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬أو‭ ‬المسؤولين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬همَّ‭ ‬لهم‭ ‬سوى‭ ‬القيام‭ ‬بالجولات‭ ‬الميدانية‭ ‬وعقد‭ ‬اللقاءات‭ ‬والاجتماعات‭ ‬مع‭ ‬الأهالي،‭ ‬وفلاشات‭ ‬الكاميرات‭ ‬“تبرق”‭ ‬وعدسات‭ ‬الفيديو‭ ‬“تدور”‭ ‬ثم‭ ‬تقف‭ ‬أو‭ ‬تجلس‭ ‬أو‭ ‬تدور‭ ‬وأنت‭ ‬تعد‭ ‬وتؤكد‭ ‬وتصرح‭ ‬وتشدد‭ ‬وتمضي‭ ‬الأيام‭ ‬وتختفي‭ ‬“لا‭ ‬حس‭ ‬ولا‭ ‬خبر”،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬أجمعه‭ ‬في‭ ‬تقارير‭ ‬ومحاضر‭ ‬ثم‭ ‬“فوحها‭ ‬واشرب‭ ‬مايها”‭. ‬وإذا‭ ‬كنت‭ ‬ناشطا‭ ‬اجتماعيا‭ ‬أو‭ ‬سياسيا‭ ‬أو‭ ‬عالم‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬خطيب‭ ‬منبر‭ ‬أو‭ ‬داعية‭ ‬أو‭ ‬إعلاميا‭ ‬أو‭ ‬كاتبا‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬لف‭ ‬لفهم‭ ‬ولم‭ ‬يجد‭ ‬منك‭ ‬الناس‭ ‬إلا‭ ‬“الهدرة”‭ ‬والبيانات‭ ‬النارية‭ ‬أو‭ ‬التصريحات‭ ‬والمقاطع‭ ‬الدعائية‭ ‬المتلفزة‭ ‬والمسموعة،‭ ‬فأجمع‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬و‭.. ‬“فوحه‭ ‬واشرب‭ ‬مايه”‭.‬

أما‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬مسؤولا‭ ‬أم‭ ‬نائبا‭ ‬أم‭ ‬شخصية‭ ‬تبذل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعها‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬لخدمة‭ ‬الناس،‭ ‬وتبادر‭ ‬وتسعى‭ ‬لتنفيذ‭ ‬أفكار‭ ‬تطويرية‭ ‬تعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد،‭ ‬وتعمل‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الأضواء‭ ‬بكل‭ ‬إخلاص‭ ‬وصدق،‭ ‬فبارك‭ ‬الله‭ ‬فيك،‭ ‬ولك‭ ‬منا‭ ‬كل‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬والامتنان‭.‬