360 درجة

مستقبل الصحافة الورقية

| أيمن همام

بعدما‭ ‬توغلت‭ ‬الرقمنة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مناحي‭ ‬حياتنا‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬انحسارا‭ ‬يقابله‭ ‬تمدد‭ ‬سريع‭ ‬لقاعدة‭ ‬جمهور‭ ‬الصحافة‭ ‬الرقمية‭.‬

هذا‭ ‬الواقع‭ ‬الجديد‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام‭ ‬ملاحقة‭ ‬التطورات‭ ‬المتسارعة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات،‭ ‬والإلمام‭ ‬بما‭ ‬يقدمه‭ ‬الإنترنت‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬جديدة‭ ‬تقرب‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬المرسل‭ ‬والمتلقي‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬حاجة‭ ‬الإنسان‭ ‬للمعلومة‭ ‬لا‭ ‬تنضب‭ ‬فإن‭ ‬مهنة‭ ‬الصحافة‭ ‬لن‭ ‬تشهد‭ ‬زوالا‭ ‬بل‭ ‬تطورا‭ ‬يواكب‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬تطرأ‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬تفكير‭ ‬الجمهور‭ ‬وعادات‭ ‬القراءة‭ ‬لديهم،‭ ‬لكن‭ ‬ستظل‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬دائمة‭ ‬للتحقيق‭ ‬والتحليل‭ ‬والمقال‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الفنون‭ ‬الصحافية‭.‬

أما‭ ‬ربط‭ ‬الفنون‭ ‬الصحافية‭ ‬بوسيلة‭ ‬الاتصال‭ ‬أو‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬بعضا‭ ‬منها‭ ‬سيختفي‭ ‬بمجرد‭ ‬اختفاء‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬الشائعة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يقع‭ ‬فيها‭ ‬المدافعون‭ ‬عن‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية؛‭ ‬ظنا‭ ‬منهم‭ ‬أن‭ ‬استمرارها‭ ‬ضرورة‭ ‬لبقاء‭ ‬تلك‭ ‬الفنون‭ ‬والمهارات،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬وجه‭ ‬للمقارنة‭ ‬بين‭ ‬الاثنين‭.‬

المقارنة‭ ‬بين‭ ‬وسيلة‭ ‬الاتصال‭ ‬والمحتوى‭ ‬الصحافي‭ ‬أشبه‭ ‬بالمقارنة‭ ‬بين‭ ‬حافلة‭ ‬وركابها،‭ ‬فالهدف‭ ‬من‭ ‬الوسيلة‭ ‬هو‭ ‬إيصال‭ ‬المادة‭ ‬الصحافية‭ ‬إلى‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المتلقين،‭ ‬وسواء‭ ‬أكانت‭ ‬الوسيلة‭ ‬ورقية‭ ‬أو‭ ‬إلكترونية‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يهم‭ ‬المتلقي‭ ‬هو‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومة‭ ‬الصحيحة‭ ‬والمحتوى‭ ‬الجيد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭.‬

لا‭ ‬أحد‭ ‬يمكنه‭ ‬التكهن‭ ‬بمصير‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب،‭ ‬لكن‭ ‬الشيء‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬المتلقي‭ ‬اليوم‭ ‬يفضل‭ ‬المادة‭ ‬الصحافية‭ ‬المختصرة‭ ‬والمكثفة،‭ ‬ولاسيما‭ ‬أن‭ ‬الإنترنت‭ ‬يسهل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المعلومات‭ ‬الأرشيفية،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقدمها‭ ‬الصحافة‭ ‬الرقمية‭ ‬للقارئ‭ ‬عبر‭ ‬“هايبرلينك”‭ ‬يقوده‭ ‬إلى‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬القراءة‭ ‬إذ‭ ‬ما‭ ‬أراد‭ ‬ذلك‭.‬