التحديات الاقتصادية العربية

| عبدعلي الغسرة

يحتل‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬10‭ % ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬العالم،‭ ‬وبلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكانه‭ ‬413‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬ويتمتع‭ ‬بأعلى‭ ‬نمو‭ ‬سكاني‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬منهم‭ ‬105‭ ‬ملايين‭ ‬شاب،‭ ‬ويمتلك‭ ‬نصف‭ ‬الاحتياطي‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬و28‭ % ‬من‭ ‬احتياطيات‭ ‬الغاز،‭ ‬ويبلغ‭ ‬حجم‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬140‭ ‬مليونا،‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬60‭ ‬مليون‭ ‬وظيفة،‭ ‬15‭ ‬‭% ‬معدل‭ ‬البطالة‭ ‬الرسمية،‭ ‬ويعيش‭ ‬نزاعات‭ ‬عسكرية‭ ‬مستمرة‭ ‬بدون‭ ‬توقف‭.‬

يبلغ‭ ‬الإعمار‭ ‬فيه‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬33‭ %‬،‭ ‬والإنفاق‭ ‬الصحي‭ ‬4‭.‬8‭ %‬،‭ ‬وبلغ‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬العربي‭ ‬الإجمالي‭ ‬عام‭ ‬2017م‭ ‬2‭.‬4‭ ‬تريليون‭ ‬دولار،‭ ‬وتريليون‭ ‬واحد‭ ‬قيمة‭ ‬صادرات‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬بنسبة‭ ‬5‭.‬4‭ % ‬من‭ ‬الصادرات‭ ‬العالمية،‭ ‬وتبلغ‭ ‬الصادرات‭ ‬البينية‭ ‬العربية‭ ‬106‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬بنسبة‭ ‬12‭ % ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬تجارة‭ ‬العرب،‭ ‬وأنفقت‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬4‭.‬2‭ % ‬من‭ ‬ناتجها‭ ‬المحلي،‭ ‬و1000‭ ‬مليار‭ ‬أهدرتها‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الفساد‭ ‬خلال‭ ‬50‭ ‬عامًا‭.‬

من‭ ‬يقرأ‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬يعي‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬تواجهه‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬اقتصادية،‭ ‬وما‭ ‬تعيشه‭ ‬من‭ ‬صراع‭ ‬قاس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطوير‭ ‬أقطارها‭ ‬وتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬شعبها‭ ‬المعيشية‭ ‬والارتقاء‭ ‬به،‭ ‬فالسياسات‭ ‬والقرارات‭ ‬كثيرة‭ ‬والإنجازات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬قليلة‭.‬

ومن‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العربية‭ ‬مشكلات‭ ‬التمويل‭ ‬التي‭ ‬تحُول‭ ‬دون‭ ‬متابعة‭ ‬تنفيذ‭ ‬بعض‭ ‬المشروعات،‭ ‬وانخفاض‭ ‬الإنتاج‭ ‬الزراعي‭ ‬والبطالة‭ ‬والفقر‭ ‬ومستوى‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬وضعف‭ ‬التعليم،‭ ‬بجانب‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬وغيرها‭ ‬اتسمت‭ ‬سياسات‭ ‬جميع‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬الجمود‭ ‬الذي‭ ‬انعكس‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬التنمية‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬فيها،‭ ‬ومنها‭ ‬المطالب‭ ‬والضغوط‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬لإدخال‭ ‬تعديلات‭ ‬وإصلاحات،‭ ‬وتلتها‭ ‬أحداث‭ ‬الربيع‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تملك‭ ‬رؤية‭ ‬استشرافية‭ ‬شاملة‭ ‬لكل‭ ‬نواحي‭ ‬التنمية‭.‬

ولمعالجة‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الانتقال‭ ‬بأوضاع‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬المتخلفة‭ ‬الراهنة‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬تنموي‭ ‬مستدام،‭ ‬أساسه،‭ ‬أولا‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬وتأمين‭ ‬الحريات‭ ‬العامة،‭ ‬ثانيا‭ ‬تحقيق‭ ‬النمو‭ ‬والرفاه‭ ‬الاقتصادي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ودفعه‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬معدلات‭ ‬نمو‭ ‬مُرتفعة‭ ‬ضامنة‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬ثالثًا‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لمختلف‭ ‬المُكونات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭.‬

هذه‭ ‬الأمور‭ ‬الثلاثة‭ ‬مترابطة‭ ‬ارتباطًا‭ ‬وثيقًا‭ ‬وأساسيًا‭ ‬ولها‭ ‬هدف‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬عملية‭ ‬تنموية‭ ‬شاملة‭ ‬لكل‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬