القمة الاقتصادية العربية

| عبدعلي الغسرة

جاءت‭ ‬القمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العربية‭ ‬الرابعة‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬بملفات‭ ‬اقتصادية‭ ‬ثقيلة‭ ‬تتطلب‭ ‬حلولا‭ ‬يعجز‭ ‬عنها‭ ‬الجسد‭ ‬العربي‭ ‬المُنهك‭ ‬سياسيًا‭ ‬والمتدني‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬والدامي‭ ‬عسكريًا‭ ‬والمُفكك‭ ‬قوميًا،‭ ‬قمة‭ ‬مليئة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تعانيه‭ ‬الجغرافيا‭ ‬العربية‭ ‬وشعبها‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬المائي‭ ‬والغذائي‭ ‬والصحي‭ ‬وتدن‭ ‬معيشي‭ ‬وسكني‭ ‬وتشغيلي‭.‬

كثيرة‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ولا‭ ‬حلول‭ ‬لها‭ ‬إلا‭ ‬بقدرة‭ ‬قادر،‭ ‬وأغلب‭ ‬الإعانات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬الغنية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬إلى‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬الفقيرة‭ ‬لا‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬بل‭ ‬تنحرف‭ ‬إلى‭ ‬وجهات‭ ‬أخرى‭.‬

القمم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬القمم‭ ‬السياسية‭ ‬تختتم‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تُنفذ،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬أسباب‭ ‬عدم‭ ‬تنفيذها،‭ ‬أولا‭ ‬غياب‭ ‬الرغبة‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ثانيًا‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬استراتيجية‭ ‬عربية‭ ‬هادفة‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬الثروات‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تنساب‭ ‬خيراتها‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬وبأسعار‭ ‬زهيدة‭.‬

ثالثا‭ ‬تعذر‭ ‬وجود‭ ‬خطة‭ ‬عربية‭ ‬قومية‭ ‬واضحة‭ ‬يمُكن‭ ‬بناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬عربي‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬التشرذم‭ ‬العربي‭ ‬والتهاون‭ ‬في‭ ‬مد‭ ‬جسور‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭.‬

لقد‭ ‬عقدت‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬قممها‭ ‬وسط‭ ‬غياب‭ ‬التخطيط‭ ‬والتمويل‭ ‬للمشاريع‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬القمم‭.‬

كثيرة‭ ‬هي‭ ‬البنود‭ ‬والمشاريع‭ ‬العربية‭ ‬المُشتركة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬مشاريع‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬وبعيدة‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬التنامي‭ ‬السلبي‭ ‬والتوجه‭ ‬للحكومات‭ ‬العربية،‭ ‬إضافة‭ ‬لتلك‭ ‬الملفات‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬تَحمِل‭ ‬عبء‭ ‬استضافة‭ ‬اللاجئين‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬تستضيفهم‭ ‬بعض‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية‭.‬

لابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬رفاه‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬وسعادته‭ ‬وكريم‭ ‬عيشه‭ ‬بندًا‭ ‬متصدرًا‭ ‬ومتقدمًا‭ ‬في‭ ‬جدول‭ ‬الأعمال،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬بنود‭ ‬القمم‭ ‬تهدف‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬نتاج‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬العربية‭ ‬يستفيد‭ ‬منه‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬وأقطاره،‭ ‬هذا‭ ‬مُمكن‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬تنفيذها‭ ‬عمليًا‭.‬

حتى‭ ‬يتحقق‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭ ‬سيكون‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬ذيل‭ ‬اهتمامات‭ ‬القمم‭ ‬العربية‭ ‬واجتماعاتها‭ ‬ومسؤوليها،‭ ‬وأنه‭ ‬لن‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬“سبعٍ‭ ‬رخاء‭ ‬وسبعٍ‭ ‬عجاف”‭... ‬بل‭ ‬إن‭ ‬كُل‭ ‬سنواته‭ ‬عجاف‭.‬

 

“لابد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬استراتيجية‭ ‬عربية‭ ‬هادفة‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬الثروات‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تنساب‭ ‬خيراتها‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬بأسعار‭ ‬زهيدة”‭.‬