ذرائع

على مفترق البطالة

| غسان الشهابي

صرت‭ ‬أتردد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬عند‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬أقرباء‭ ‬أصدقائي‭ ‬لئلا‭ ‬يقال‭ ‬إن‭ ‬فلاناً‭ ‬يصارع‭ ‬“الخبيث”،‭ ‬لشدّة‭ ‬انتشاره‭ ‬وتحوّله‭ ‬إلى‭ ‬شأن‭ ‬يومي،‭ ‬وأتردد‭ ‬أن‭ ‬أسأل‭ ‬عن‭ ‬أبنائهم،‭ ‬فكلما‭ ‬سألت‭ ‬عن‭ ‬الأبناء‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ - ‬قيل‭ ‬لي‭ ‬إنهم‭ ‬عاطلون،‭ ‬وحاولوا‭ ‬مرات‭ ‬ولم‭ ‬يوفقوا‭... ‬فينزلق‭ ‬ذلك‭ ‬السائل‭ ‬المرّ‭ ‬في‭ ‬الحلقوم‭.‬

علامات‭ ‬المستقبل‭ ‬المنظور‭ ‬–‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬–‭ ‬لا‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أننا‭ ‬إزاء‭ ‬فترات‭ ‬هي‭ ‬الأفضل‭ ‬في‭ ‬تاريخنا‭ ‬المعاصر،‭ ‬وما‭ ‬“التوازن‭ ‬المالي”‭ ‬و”التقاعد‭ ‬الاختياري”‭ ‬و”ضريبة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة”،‭ ‬إلا‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬تجليات‭ ‬هذا‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬علينا‭ ‬زيادة‭ ‬ثقوب‭ ‬الأحزمة‭ ‬لأننا‭ ‬سنشدها‭ ‬حتى‭ ‬حدّها‭ ‬الأقصى،‭ ‬فالأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الجديدة‭ ‬غير‭ ‬مبشرة،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬الأحوال،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬التدابير،‭ ‬ستكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬حفظ‭ ‬التوازن‭ ‬وحسب،‭ ‬وليست‭ ‬كفيلة‭ ‬بأن‭ ‬تقودنا‭ ‬إلى‭ ‬البحبوحة‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭.‬

السيناريوهات‭ ‬الثلاثة‭ ‬التي‭ ‬يطرحها‭ ‬تمدد‭ ‬مظلة‭ ‬البطالة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬الشباب‭ ‬وظائف‭ ‬دنيا‭ ‬بسيطة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬شح‭ ‬الأعمال‭ ‬المجزية‭ ‬التي‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬شهاداتهم،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬مستوى‭ ‬الحياة‭ ‬ينتكس،‭ ‬وتستغني‭ ‬الأسر‭ ‬الجديدة‭ ‬الصغيرة‭ ‬عن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬مثل‭ ‬انتقاء‭ ‬التعليم‭ ‬الأفضل،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬تناسل‭ ‬أجيال‭ ‬متواضعة‭ ‬التحصيل،‭ ‬وما‭ ‬يصحب‭ ‬الفقر‭ ‬الظواهر‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الشاذة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬التي‭ ‬يعيبها‭ ‬الناس‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭.‬

والسيناريو‭ ‬الثاني‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬الرغبة‭ ‬المتزايدة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بالخارج،‭ ‬والحديث‭ ‬المتزايد‭ ‬أيضاً‭ ‬عنه‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬وأولياء‭ ‬أمورهم،‭ ‬وهذا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إصغاء‭ ‬جيد‭ ‬من‭ ‬متخذي‭ ‬القرار‭ ‬لأن‭ ‬البحريني،‭ ‬والخليجي‭ ‬عموماً،‭ ‬له‭ ‬أرجل‭ ‬ثقيلة‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬المنطقة،‭ ‬فما‭ ‬بالنا‭ ‬بالهجرة‭ ‬كلياً‭ ‬طلباً‭ ‬للعمل‭.‬

‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭  ‬إلى‭ ‬شركات‭ ‬الاستشارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬لتعلمنا‭ ‬من‭ ‬وضعنا‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نعلم،‭ ‬أو‭ ‬ندّعي‭ ‬أمامها‭ ‬هكذا،‭ ‬ولكنه‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬الوضع،‭ ‬وقوانين‭ ‬ملزمة‭ ‬لضبط‭ ‬سوق‭ ‬التوظيف،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الجدية‭ ‬واستشعار‭ ‬الخطر‭ ‬الداهم‭.‬