ماذا بعد

العقارات لا تحتكم للسوق !

| مازن النسور

تحتكم‭ ‬الأسواق،‭ ‬أي‭ ‬أسواق‭ ‬بكل‭ ‬مكان‭ ‬وعلى‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬لسياسة‭ ‬العرض‭ ‬والطلب،‭ ‬وبهذه‭ ‬القاعدة‭ ‬البسيطة‭ ‬التي‭ ‬يفهمها‭ ‬الجميع،‭ ‬تنعكس‭ ‬النتائج‭ ‬على‭ ‬الأسعار‭ ‬بشكل‭ ‬طردي‭.‬

إلا‭ ‬قطاع‭ ‬العقارات‭ ‬البحريني،‭ ‬الذي‭ ‬“على‭ ‬ما‭ ‬يبدو”‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بهذه‭ ‬القاعدة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الطبيعية،‭ ‬فإنه‭ ‬“كما‭ ‬يلاحظ”‭ ‬يبقى‭ ‬متمسكا‭ ‬بأسعاره‭ ‬التي‭ ‬يحققها‭ ‬أيام‭ ‬الطفرات‭ ‬وارتفاع‭ ‬الطلب‭ ‬مهما‭ ‬تغيرت‭ ‬الظروف‭.‬

وهذا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬أنواع‭ ‬العقارات‭ ‬المختلفة،‭ ‬سواء‭ ‬التجارية‭ ‬أو‭ ‬الاستثمارية‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬المخصصة‭ ‬للتأجير‭ .. ‬الخ‭.‬

فمثلا‭ ‬مع‭ ‬تراجع‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬المساكن‭ ‬المخصصة‭ ‬للتأجير‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انخفاض‭ ‬عدد‭ ‬المقيمين‭ ‬ولو‭ ‬نسبيا‭ (‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بقاء‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬دون‭ ‬عائلته‭)‬،‭ ‬وصعود‭ ‬كلفة‭ ‬المعيشة‭ ‬مع‭ ‬ثبات‭ ‬معدلات‭ ‬الدخل‭ ‬لدى‭ ‬معظم‭ ‬الناس‭ ‬حتى‭ ‬المواطنين‭ ‬البحرينيين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كلفة‭ ‬الإيجارات‭ ‬لم‭ ‬تتزحزح‭ ‬عن‭ ‬أسعار‭ ‬أيام‭ ‬الانتعاش‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬عندما‭ ‬زادت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬وانتعشت‭ ‬الأسواق‭.‬

وينطبق‭ ‬ذلك‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬تأجير‭ ‬المحال‭ ‬و”الدكاكين”‭ ‬والمخازن،‭ ‬ففي‭ ‬جولة‭ ‬لمنطقة‭ ‬الهملة‭ ‬مثلا،‭ ‬تجد‭ ‬عشرات‭ ‬العمارات‭ ‬الخالية‭ ‬التي‭ ‬تعلوها‭ ‬لافتات‭ ‬مكتوب‭ ‬عليها‭ ‬للتأجير،‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬حالها‭ ‬منذ‭ ‬سنتين‭ ‬أو‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬المالك‭ ‬يتمسك‭ ‬بأسعاره‭ ‬السابقة‭ ‬ولا‭ ‬يخفّض‭ ‬حتى‭ ‬عشرة‭ ‬دنانير‭.‬

الشقق‭ ‬والفلل‭ ‬المعروضة‭ ‬للبيع‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬واقفة‭ ‬على‭ ‬حالها،‭ ‬“إلا‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬ربي”‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان،‭ ‬السكن‭ ‬الاجتماعي‭ ‬“مزايا”‭ ‬الذي‭ ‬حرك‭ ‬هذا‭ ‬السوق‭ ‬نسبيا،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يغيّر‭ ‬الملّاك‭ ‬عن‭ ‬أسعارهم‭ ‬الأولية،‭ ‬ولا‭ ‬يفكرون‭ ‬بتخفيض‭ ‬نسبة‭ ‬الربح‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬بقي‭ ‬العقار‭ ‬واقفا،‭ ‬فارغا‭ ‬لسنوات‭.‬

مثال‭ ‬حي،‭ ‬مشروع‭ ‬بوابة‭ ‬أمواج‭ ‬المتعثر،‭ ‬عُرض‭ ‬بالمزاد‭ ‬حوالي‭ ‬6‭ ‬مرات‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عام‭ ‬بدأ‭ ‬بـ‭ ‬36‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬آخر‭ ‬سعر‭ ‬ابتدائي‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬بـ‭ ‬20‭ ‬مليونا،‭ ‬ولا‭ ‬مشتر‭. ‬رغم‭ ‬مكانه‭ ‬المميز‭ ‬وتصميمه‭ ‬الاستثماري‭ ‬المناسب،‭ ‬ألا‭ ‬يلاحظ‭ ‬الملّاك‭ ‬ذلك‭ ‬؟‭.‬

 

يقال‭ ‬“العقار‭ ‬يمرض‭ ‬ولا‭ ‬يموت”‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لم‭ ‬يمت‭ ‬ولم‭ ‬يمرض‭ ‬أصلا،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬ركود‭ ‬اقتصادي‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أحد‭ ‬نكرانه،‭ ‬والسؤال‭: ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬ينعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الأسعار‭ ‬خصوصا‭ ‬على‭ ‬العقارات‭ ‬التي‭ ‬يستهدفها‭ ‬الناس‭ ‬العاديون‭ ‬سواء‭ ‬بغرض‭ ‬الإيجار‭ ‬أو‭ ‬التملك‭ ‬أو‭ ‬الاستثمار‭ ‬للمشروعات‭ ‬الصغيرة؟