ستة على ستة

ثقوب في جدار الحرية الغربية

| عطا السيد الشعراوي

نشرت‭ ‬الفتاة‭ ‬السعودية‭ ‬الهاربة‭ ‬من‭ ‬ذويها‭ ‬“رهف‭ ‬القنون”‭ ‬صورًا‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وهي‭ ‬تأتي‭ ‬بممارسات‭ ‬“شاذة”‭ ‬و”محرمة”‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬صور‭ ‬وهي‭ ‬تتناول‭ ‬لحم‭ ‬الخنزير،‭ ‬وأخرى‭ ‬وهي‭ ‬تدخن‭ ‬“سيجارة‭ ‬حشيش”،‭ ‬وثالثة‭ ‬وهي‭ ‬“تشرب‭ ‬الخمر”،‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬سعادتها‭ ‬بهذه‭ ‬“الحرية”‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬لها‭ ‬فعل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحلو‭ ‬لها‭ ‬دون‭ ‬حساب‭ ‬أو‭ ‬رقيب‭.‬

للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬البعض‭ ‬ممن‭ ‬ينظرون‭ ‬بإعجاب‭ ‬للغرب‭ ‬وحريته‭ ‬الواسعة‭ ‬التي‭ ‬تجعلهم‭ ‬يعيشون‭ ‬كيفما‭ ‬يشاءون‭ ‬دون‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬عقاب‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬زجر،‭ ‬لكنهم‭ ‬في‭ ‬نظرتهم‭ ‬القاصرة‭ ‬إلى‭ ‬توافه‭ ‬الأمور،‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحرية‭ ‬قد‭ ‬تحيل‭ ‬المجتمع‭ ‬لفوضى‭ ‬عارمة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ثقوب‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭ ‬ومضمونها‭ ‬الحقيقي،‭ ‬لكنه‭ ‬الإعلام‭ ‬وميزان‭ ‬القوى‭ ‬الذي‭ ‬يوجه‭ ‬الاهتمام‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬ويكيل‭ ‬ضدها‭ ‬الاتهامات‭ ‬دون‭ ‬سند‭ ‬ودون‭ ‬مراعاة‭ ‬للفوارق‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والدينية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يتم‭ ‬تجاهل‭ ‬ما‭ ‬بالدول‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬عيوب‭ ‬كثيرة‭ ‬وأوجه‭ ‬خلل‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬الحرية‭ ‬التي‭ ‬يتباهون‭ ‬بها‭.‬

فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬نشرت‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان‭ ‬مؤخرا‭ ‬تقريرا‭ ‬عن‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬الوظائف‭ ‬ضد‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬وفق‭ ‬دراسة‭ ‬ميدانية‭ ‬حديثة‭ ‬أعدها‭ ‬باحثون‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬أوكسفورد،‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬البريطانيين‭ ‬السود‭ ‬وذوي‭ ‬الأصول‭ ‬الآسيوية‭ ‬يتعرضون‭ ‬منذ‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬لتمييز‭ ‬وصفته‭ ‬بالـ‭ ‬“مذهل”‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬خصوصا‭ ‬ضد‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬الأغلبية‭ ‬المسلمة،‭ ‬وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التشريعات‭ ‬والقوانين‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالعلاقات‭ ‬العرقية‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ - ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬قانون‭ ‬العلاقات‭ ‬العرقية‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬عام‭ ‬1976‭ - ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لها‭ ‬فائدة‭.‬

 

وفي‭ ‬ألمانيا،‭ ‬طالبت‭ ‬وزيرة‭ ‬الأسرة‭ ‬الألمانية‭ ‬فرانسيسكا‭ ‬جيفي،‭ ‬برفع‭ ‬نسبة‭ ‬تمثيل‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المجالس‭ ‬النيابية‭ ‬الألمانية‭ ‬لتحقيق‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬نصف‭ ‬عدد‭ ‬الشعب‭ ‬الألماني،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬الأجر‭ ‬على‭ ‬مزاولة‭ ‬نفس‭ ‬العمل،‭ ‬وتقدير‭ ‬قيمة‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الوظائف‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬واختيار‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬بصورة‭ ‬ملموسة‭ ‬للأعمال‭ ‬القيادية،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاقتصاد‭ ‬أو‭ ‬مجال‭ ‬السياسة‭.‬

“ينظر‭ ‬بعضهم‭ ‬بإعجاب‭ ‬للغرب‭ ‬وحريته‭ ‬الواهية،‭ ‬وبهذه‭ ‬النظرة‭ ‬القاصرة‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحرية‭ ‬تحيل‭ ‬المجتمع‭ ‬لفوضى‭ ‬عارمة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ثقوب‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭ ‬ومضمونها‭ ‬الحقيقي”‭.‬