تصنيف الأولويات... هل هو علم بذاته؟

| أحمد البحر

يقول‭ ‬الروائي‭ ‬الألماني‭ ‬يوهان‭ ‬جوته‭: ‬إن‭ ‬الأشياء‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬تحت‭ ‬رحمة‭ ‬الأشياء‭ ‬الأقل‭ ‬أهمية‭... ‬فعلاً‭ ‬لقد‭ ‬استطاع‭ ‬جوته‭ ‬أن‭ ‬يلخص‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬كلمات‭ ‬قليلة‭ ‬أهم‭ ‬العناصر‭ ‬الأساسية‭ ‬المتبعة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تصنيف‭ ‬الأولويات،‭ ‬وهو‭ ‬التدرج‭ ‬من‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬وفائدة‭ ‬ثم‭ ‬نزولاً‭ ‬إلى‭ ‬الأقل‭ ‬أهمية‭ ‬والأقل‭ ‬فائدة‭.‬

أستذكر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬تقريرًا‭ ‬صادرًا‭ ‬عن‭ ‬إحدى‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬تفنّد‭ ‬فيه‭ ‬بعض‭ ‬الصعوبات‭ ‬والعوائق‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬في‭ ‬إنفاذ‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬لبرامجها‭ ‬التنموية‭ ‬الحيوية‭. ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العوائق،‭ ‬كما‭ ‬أذكر،‭ ‬ضبابية‭ ‬المعايير‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬تصنيف‭ ‬الأولويات‭ ‬لديها‭ ‬أو‭ ‬انحراف‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الأولويات‭ ‬عن‭ ‬مسارها‭ ‬أو‭ ‬استبدالها‭ ‬بأولويات‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬استثنائية‭ ‬أو‭ ‬خرجت‭ ‬فجأة‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬لأسباب‭ ‬أو‭ ‬معايير‭ ‬معينة‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تتناغم‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬عمل‭ ‬أكثر‭ ‬تقدمًا‭.‬

لنعد‭ ‬الآن،‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ،‭ ‬إلى‭ ‬موضوعنا‭ ‬وهو‭ ‬معايير‭ ‬وضع‭ ‬الأولويات‭ ‬ونتحدث‭ ‬عن‭ ‬معايير‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬عامل‭ ‬الوقت،‭ ‬فقد‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مشاريع‭ ‬وأهداف‭ ‬قد‭ ‬تحمل‭ ‬صفة‭ ‬الاستعجال‭ ‬وتضعها‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الأولويات‭.‬

ثم‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬عنصرًا‭ ‬قد‭ ‬يوازي‭ ‬تلك‭ ‬المعايير‭ ‬آنفة‭ ‬الذكر‭ ‬وهو‭ ‬عنصر‭ ‬الواقعية،‭ ‬فمن‭ ‬الضروري‭ ‬جدًّا‭ ‬أن‭ ‬تتّسم‭ ‬أولوياتنا‭ ‬بالواقعية‭ ‬لكي‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬مواردنا‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬مبدأ‭ ‬“بريتو”‭ ‬20‭ - ‬80‭ ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تصنيف‭ ‬الأولويات،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬20‭ % ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬نعطيه‭ ‬لتخطيط‭ ‬وتنظيم‭ ‬مواردنا‭ ‬الضرورية‭ ‬لتحقيق‭ ‬تلك‭ ‬الأولويات‭ ‬والأهداف‭ ‬قد‭ ‬يعادل‭ ‬الـ80‭ % ‬من‭ ‬نجاحنا‭ ‬في‭ ‬إنفاذها،‭ ‬لذا‭ ‬وجب‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الـ‭ ‬20‭ % ‬بصورة‭ ‬أكبر‭ ‬لكي‭ ‬تسير‭ ‬عملية‭ ‬تحقيق‭ ‬الـ‭ ‬80‭ % ‬بشكل‭ ‬سلس‭.‬

والآن‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ،‭ ‬ألا‭ ‬نتفق‭ ‬أن‭ ‬تصنيف‭ ‬الأولويات‭ ‬هو‭ ‬علم‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته؟