مشاريع ناجحة... برواز دبي مثالاً

| زهير توفيقي

طالعتنا‭ ‬الصحف‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬بخبرٍ‭ ‬مفاده‭ ‬أن‭ ‬برواز‭ ‬دبي‭ ‬استطاع‭ ‬استقطاب‭ ‬مليون‭ ‬زائر‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2018م‭... ‬تصوروا‭ ‬معي‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬الزوار‭ ‬إلى‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬السياحية‭ ‬الجذابة‭ ‬المقامة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬دبي،‭ ‬والاستفادة‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تحققها‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التدفق‭ ‬السياحي،‭ ‬ناهيكم‭ ‬عن‭ ‬زوّار‭ ‬المشاريع‭ ‬السياحية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تزخر‭ ‬بها‭ ‬دبي،‭ ‬وتُعد‭ ‬روافد‭ ‬مهمة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬المحلي،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭.‬

تبلغ‭ ‬رسوم‭ ‬دخول‭ ‬البرواز‭ ‬‮٥٠‬‭ ‬درهما‭ ‬للكبار‭ ‬و‮٢٠‬‭ ‬درهما‭ ‬للصغار،‭ ‬فإذا‭ ‬أخذنا‭ ‬معدل‭ ‬‮٣٥‬‭ ‬درهما‭ ‬كمتوسط‭ ‬بين‭ ‬الرقمين،‭ ‬فإننا‭ ‬وبحسبة‭ ‬بسيطة‭ ‬سندرك‭ ‬أن‭ ‬بلدية‭ ‬دبي‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬استثمار‭ ‬قدره‭ ‬‮٣٥‬‭ ‬مليون‭ ‬درهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المرفق‭ ‬السياحي‭ ‬الرائع،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬بالطبع‭ ‬مصاريف‭ ‬أخرى‭ ‬متعلقة‭ ‬بالصيانة‭ ‬ورواتب‭ ‬العاملين‭ ‬وفواتير‭ ‬الكهرباء‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬المصاريف‭ ‬التشغيلية‭ ‬الأخرى،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬العوائد‭ ‬التي‭ ‬يحققها‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭.‬

إن‭ ‬المسؤولين‭ ‬عندنا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ليسوا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أفكار‭ ‬من‭ ‬كوكب‭ ‬آخر،‭ ‬الأمر‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬البساطة،‭ ‬نحتاج‭ ‬أن‭ ‬نفكّر‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬وطننا‭ ‬الغالي‭ ‬ونضع‭ ‬ذلك‭ ‬فوق‭ ‬أيّ‭ ‬اعتبار،‭ ‬ونحتاج‭ ‬أن‭ ‬نُركّز‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تُدر‭ ‬عوائد‭ ‬مجزية‭ ‬اقتصادياً،‭ ‬وتُسهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬سينعكس‭ ‬إيجاباً‭ ‬حينئذٍ‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬المرهق‭ ‬من‭ ‬أعباء‭ ‬المعيشة‭ ‬المتزايدة‭.‬

المطلوب‭ ‬هنا‭ ‬استقطاب‭ ‬المشاريع‭ ‬الاستثمارية‭ ‬الناجحة‭ ‬التي‭ ‬تُدر‭ ‬ذهباً،‭ ‬ليتم‭ ‬تنفيذها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬المملكة،‭ ‬أرض‭ ‬الخير‭. ‬لست‭ ‬رجل‭ ‬اقتصاد‭ ‬ولا‭ ‬مستثمرا،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬بديهيات‭ ‬وأبجديات‭ ‬تعلمناها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة،‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬عمل‭ ‬كُل‭ ‬شيء‭ ‬للإسهام‭ ‬في‭ ‬رفاهية‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬ودعم‭ ‬تنميته‭ ‬ونمائه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إيجاد‭ ‬وسائل‭ ‬جديدة‭ ‬لتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الدخل‭.‬

هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الناجحة‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬لكنها‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬في‭ ‬معظمها‭ ‬مشاريع‭ ‬فردية‭ ‬وملكية‭ ‬خاصة‭ ‬لفرد‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأفراد،‭ ‬وهذا‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬لا‭ ‬يخدم‭ ‬الحكومة‭ ‬ولا‭ ‬الاقتصاد‭ ‬كثيراً،‭ ‬ومن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬الحكومة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخطط‭ ‬والبرامج‭ ‬الواعدة‭ ‬للنهوض‭ ‬باقتصاد‭ ‬البلد،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭ ‬أين‭ ‬يكمن‭ ‬الخلل‭.‬

لدينا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السواحل‭ ‬الجميلة،‭ ‬لكنها‭ ‬مهملة،‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬نعمل‭ ‬ونسعى‭ ‬لاستغلالها‭ ‬سياحياً،‭ ‬لم‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬الجهات‭ ‬المعنيّة‭ ‬ببناء‭ ‬حديقة‭ ‬لأحواض‭ ‬الأسماك‭ ‬Aquarium‭)) ‬لتكون‭ ‬مقصداً‭ ‬للزوار،‭ ‬إذ‭ ‬يعتبر‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬مثلاً‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬التعليمية‭ ‬والتثقيفية‭ ‬والاستثمارية،‭ ‬ويمكن‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬دخول‭ ‬لتغطية‭ ‬المصاريف‭ ‬التشغيلية‭. ‬

زوار‭ ‬البحرين‭ ‬تواقون‭ ‬للاستمتاع‭ ‬بأماكن‭ ‬جذب‭ ‬سياحيّة‭ ‬جديدة‭ ‬ومبتكرة،‭ ‬وجهات‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬المطاعم‭ ‬ودور‭ ‬السينما‭ ‬والفنادق‭ ‬التي‭ ‬اعتادوا‭ ‬عليها‭.‬‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬الحكومة‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬ترتقي‭ ‬أبداً‭ ‬لمستوى‭ ‬توقعاتنا‭ ‬وسقف‭ ‬طموحاتنا‭.‬

في‭ ‬رأيي‭ ‬المتواضع،‭ ‬إن‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬مبعثرة،‭ ‬وليست‭ ‬هناك‭ ‬جهة‭ ‬تنفيذية‭ ‬محددّة‭ ‬معنيّة‭ ‬باتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬شجاعة‭. ‬نسمع‭ ‬عن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الجاذبة،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬النور‭ ‬أو‭ ‬أنها‭ ‬تتأخر‭ ‬كثيراً‭ ‬جداً‭! ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬هو‭ ‬لماذا‭ ‬ثم‭ ‬لماذا؟‭ ‬وأين‭ ‬يكمن‭ ‬الخلل؟‭ ‬ونعود‭ ‬ثانيّة‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬الصفر‭ ‬التي‭ ‬بدأنا‭ ‬منها‭ ‬لنعاود‭ ‬طرح‭ ‬السؤال‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬ونسأل‭ ‬ونسأل‭ ‬ونسأل‭!. ‬والله‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬القصد‭.‬