زبدة القول

أن يكون الإنسان سفيرا دائما لبلاده

| د. بثينة خليفة قاسم

الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬نعمان‭ ‬جلال‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬عائلة‭ ‬عريقة‭ ‬في‭ ‬صعيد‭ ‬مصر،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬أسيوط،‭ ‬وشاء‭ ‬القدر‭ ‬أن‭ ‬ينخرط‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بالسلك‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬المصري‭ ‬ويخدم‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬الأهمية‭ ‬والتأثير‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فقد‭ ‬عمل‭ ‬مندوبا‭ ‬مناوبا‭ ‬لجمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وعمل‭ ‬مندوبا‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وعمل‭ ‬سفيرا‭ ‬لجمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الأهمية‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬المصرية‭ ‬والعربية‭ ‬والأفريقية‭ ‬مع‭ ‬الصين‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬خدمته‭ ‬في‭ ‬الخارجية‭ ‬المصرية‭ ‬انتهت‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬بقي‭ ‬بحق‭ ‬خير‭ ‬سفير‭ ‬لمصر‭ ‬أينما‭ ‬حل‭.‬

وكان‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬الحظ،‭ ‬ومن‭ ‬حسن‭ ‬حظي‭ ‬أنا‭ ‬شخصيا،‭ ‬أن‭ ‬اختار‭ ‬الدكتور‭ ‬نعمان‭ ‬البحرين‭ ‬ليعمل‭ ‬فيها‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬خدمته‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬الشقيقة،‭ ‬فقد‭ ‬عمل‭ ‬لفترة‭ ‬بمركز‭ ‬البحرين‭ ‬للدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬كرئيس‭ ‬لبرنامج‭ ‬حوار‭ ‬الحضارات‭ ‬بالمركز،‭ ‬وكان‭ ‬نشاطه‭ ‬وتأثيره‭ ‬واضحا‭ ‬ومشهودا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الكثيرين،‭ ‬ثم‭ ‬انتقل‭ ‬للعمل‭ ‬كمستشار‭ ‬لوزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البحريني‭ ‬لفترة‭ ‬ليست‭ ‬قصيرة‭.‬

وخلال‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬الرجل‭ ‬عن‭ ‬البحث‭ ‬والكتابة‭ ‬بالصحف‭ ‬المصرية‭ ‬والبحرينية‭ ‬ولم‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والفعاليات‭ ‬الدولية‭ ‬بنشاط‭ ‬وتأثير‭ ‬يدعو‭ ‬للفخر‭. ‬

لكن‭ ‬الشيء‭ ‬البارز‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬نعمان‭ ‬جلال‭ ‬والذي‭ ‬لمسته‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اقترابي‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬ومناسبات‭ ‬كثيرة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬بقي‭ ‬سفيرا‭ ‬لبلاده‭ ‬طوال‭ ‬رحلته‭ ‬وخصوصا‭ ‬بعد‭ ‬تركه‭ ‬منصبه‭ ‬الرسمي‭ ‬في‭ ‬مصر‭.‬

صحيح‭ ‬أنه‭ ‬دعي‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لشخصه‭ ‬وقدراته‭ ‬البحثية‭ ‬والعلمية،‭ ‬لكنه‭ ‬يجعلك‭ ‬تشعر‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬الكبيرة‭ ‬صاحبة‭ ‬الفضل‭ ‬والعطاء‭ ‬دائما‭ ‬موجودة‭ ‬أمامك‭.‬

ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬بلده‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬أو‭ ‬تلك،‭ ‬لكنه‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬يجسد‭ ‬لك‭ ‬صورة‭ ‬مصر‭ ‬كما‭ ‬تتمنى‭ ‬أن‭ ‬تراها‭ ‬وكما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭. ‬

لا‭ ‬نبالغ‭ ‬إذا‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬بقي‭ ‬بيننا‭ ‬سفيرا‭ ‬ممتازا‭ ‬فوق‭ ‬العادة،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬قدم‭ ‬الكثير‭ ‬للبحرين‭ ‬التي‭ ‬احتفت‭ ‬به‭ ‬وأكرمته‭ ‬كما‭ ‬تكرم‭ ‬كل‭ ‬عربي‭ ‬محترم‭. ‬

وليست‭ ‬البحرين‭ ‬وحدها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحتفي‭ ‬بالدكتور‭ ‬نعمان‭ ‬وبفترة‭ ‬وجوده‭ ‬على‭ ‬أرضها،‭ ‬لكن‭ ‬دولة‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬عمل‭ ‬سفيرا‭ ‬بها‭ ‬تقدره‭ ‬كخبير‭ ‬دولي‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الصينية‭ ‬وفي‭ ‬العلاقات‭ ‬العربية‭ ‬الصينية،‭ ‬وتدعوه‭ ‬لشخصه‭ ‬لحضور‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والفعاليات‭ ‬التي‭ ‬تعقد‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬كرجل‭ ‬صاحب‭ ‬دور‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬علاقات‭ ‬الصين‭ ‬مع‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‭ ‬ومع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

“الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬نعمان‭ ‬جلال‭ ‬قدم‭ ‬الكثير‭ ‬للبحرين‭ ‬التي‭ ‬احتفت‭ ‬به‭ ‬وأكرمته‭ ‬كما‭ ‬تكرم‭ ‬كل‭ ‬عربي‭ ‬محترم”‭.‬