سوالف

“الأجنبي صاحب البرادة يسلف المواطن”

| أسامة الماجد

الذي‭ ‬حال‭ ‬دون‭ ‬تجديد‭ ‬وضع‭ ‬بعض‭ ‬المواطنين‭ ‬هو‭ ‬نمو‭ ‬تواجد‭ ‬الأجنبي‭ ‬وتوغله‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬الآن‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الوضع،‭ ‬والأرقام‭ ‬التي‭ ‬نشرتها‭ ‬“البلاد”‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬الماضي‭ ‬والتي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بلغ‭ ‬759‭ ‬ألف‭ ‬فرد‭ ‬أي‭ ‬53‭.‬3‭ % ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬البحرين،‭ ‬أرقام‭ ‬مخيفة‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬أصبح‭ ‬في‭ ‬عاصفة‭ ‬من‭ ‬الطواحين‭ ‬وتنتظره‭ ‬حرب‭ ‬مريرة‭ ‬مع‭ ‬الحياة‭ ‬طالما‭ ‬عجلة‭ ‬زيادة‭ ‬الرواتب‭ ‬معطلة‭ ‬وهجمات‭ ‬الضرائب‭ ‬وغلاء‭ ‬الأسعار‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭.‬

لقد‭ ‬أصبح‭ ‬الأجنبي‭ ‬عبئا‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬وسببا‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬سعادته‭ ‬وهذه‭ ‬ليست‭ ‬حالة‭ ‬نفسية‭ ‬نمر‭ ‬بها،‭ ‬إنما‭ ‬واقع،‭ ‬وحقيقة‭ ‬نشعر‭ ‬بها‭ ‬بكل‭ ‬الحواس‭ ‬الخمس،‭ ‬نكتب‭ ‬ونتكلم‭ ‬وفي‭ ‬فمنا‭ ‬جروح‭ ‬تشفط‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الدم،‭ ‬جروح‭ ‬لا‭ ‬تضمد‭ ‬ولا‭ ‬تلتئم،‭ ‬ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الجروح‭ ‬اعتماد‭ ‬عدد‭ ‬ليس‭ ‬قليلا‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬“البرادات‭ ‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬أو‭ ‬يديرها‭ ‬الأجنبي”،‭ ‬فمعظمنا‭ ‬لديه‭ ‬سجل‭ ‬في‭ ‬البرادات‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬السكن‭ ‬وحتى‭ ‬“الدوبي”،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للمواطن‭ ‬السير‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬الشهر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلجأ‭ ‬إلى‭ ‬“السلف”‭ ‬من‭ ‬البرادة‭ ‬والتسجيل‭ ‬على‭ ‬الحساب،‭ ‬فثعبان‭ ‬الغلاء‭ ‬يهاجمه‭ ‬باستمرار‭ ‬والراتب‭ ‬يزحف‭ ‬في‭ ‬حفرة‭ ‬مكشوفة،‭ ‬ما‭ ‬يضطره‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬بلده،‭ ‬أكرر‭ ‬في‭ ‬بلده،‭ ‬من‭ ‬الاستنجاد‭ ‬بالأجنبي‭ ‬صاحب‭ ‬البرادة‭ ‬ليعينه‭ ‬على‭ ‬بلوغ‭ ‬آخر‭ ‬الشهر‭ ‬وتأمين‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تأمينه‭ ‬لأسرته‭.‬

معادلة‭ ‬غريبة‭ ‬مزروعة‭ ‬بالأحزان،‭ ‬حتى‭ ‬النجوم‭ ‬بدأت‭ ‬تعزي‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬خاصمهم‭ ‬الزمن،‭ ‬فلا‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬الرواتب‭ ‬والغلاء‭ ‬يوزع‭ ‬مثلما‭ ‬توزع‭ ‬الشهادات‭ ‬على‭ ‬الناجحين،‭ ‬ومن‭ ‬يدري‭ ‬فقد‭ ‬يصل‭ ‬الوضع‭ ‬ببعض‭ ‬البسطاء‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬حالة‭ ‬كمال‭ ‬عبدالشكور‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬“الموظفون‭ ‬في‭ ‬الأرض”‭ ‬للنجم‭ ‬فريد‭ ‬شوقي،‭ ‬فكمال‭ ‬موظف‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬براتب‭ ‬متواضع،‭ ‬يمر‭ ‬بظروف‭ ‬أسرية‭ ‬صعبة‭ ‬حيث‭ ‬يحتاج‭ ‬للمال‭ ‬لتعليم‭ ‬ابنه‭ ‬والصرف‭ ‬على‭ ‬ابنتيه،‭ ‬يرفض‭ ‬الرشوة‭ ‬والسرقة‭ ‬ويلجأ‭ ‬للتسول‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المال،‭ ‬وعندما‭ ‬سأله‭ ‬القاضي‭ ‬لماذا‭ ‬فعلت‭ ‬ذلك،‭ ‬صاح‭ ‬كمال‭ ‬عبدالشكور،‭ ‬“لم‭ ‬يكن‭ ‬أمامي‭ ‬إلا‭ ‬حلين،‭ ‬وأنا‭ ‬أرفض‭ ‬الرشوة‭ ‬وخيانة‭ ‬الأمانة،‭ ‬يا‭ ‬شحت‭.. ‬يا‭ ‬أسرق‭.. ‬لو‭ ‬كنتوا‭ ‬مكاني‭ ‬حتعملوا‭ ‬أيه”‭.‬