من جديد

“الدكتور السميط وزوجته”

| د. سمر الأبيوكي

أكثر‭ ‬ما‭ ‬يأسرني‭ ‬في‭ ‬سيرة‭ ‬الراحل‭ ‬الدكتور‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬السميط‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬رفيقة‭ ‬دربه‭ ‬وزوجته،‭ ‬حيث‭ ‬أذكر‭ ‬أنني‭ ‬وقفت‭ ‬مليا‭ ‬أمام‭ ‬موقف‭ ‬معها‭ ‬سرده‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬محاضراته،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الليالي‭ ‬العتماء‭ ‬المعتادة‭ ‬في‭ ‬ملاوي،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬كهرباء‭ ‬مساء‭ ‬ولا‭ ‬يضيء‭ ‬الظلام‭ ‬سوى‭ ‬نور‭ ‬القمر،‭ ‬جلس‭ ‬مع‭ ‬زوجته‭ ‬وقد‭ ‬أنهكهما‭ ‬التعب‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬شاق‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬المحتاجين‭ ‬الذين‭ ‬ينقصهم‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬أساسيات‭ ‬الحياة،‭ ‬فابتسمت‭ ‬وقالت‭ ‬له‭: ‬يا‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬غفر‭ ‬الله‭ ‬لنا‭ ‬ودخلنا‭ ‬الجنة‭ ‬هل‭ ‬سنكون‭ ‬بنفس‭ ‬سعادتنا‭ ‬حاليا؟‭ ‬

حقيقة‭ ‬وجمت‭ ‬كثيرا‭ ‬أمام‭ ‬جملتها‭ ‬فقد‭ ‬اختصرت‭ ‬هذه‭ ‬الرائعة‭ ‬معاني‭ ‬السعادة‭ ‬في‭ ‬تواجدها‭ ‬مع‭ ‬رفيق‭ ‬دربها‭ ‬مخلفة‭ ‬وراءها‭ ‬حياة‭ ‬رغدة‭ ‬وسبل‭ ‬عيش‭ ‬كريم‭ ‬في‭ ‬موطنها،‭ ‬ساعية‭ ‬في‭ ‬ابتغاء‭ ‬وجه‭ ‬الله‭ ‬ومساندة‭ ‬زوجها‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬التطوعي‭.‬

تكثر‭ ‬القصص‭ ‬التي‭ ‬حكاها‭ ‬وسجلت‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الدكتور‭ ‬في‭ ‬حمده‭ ‬لله‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬وهبه‭ ‬من‭ ‬نعم‭ ‬ومنها‭ ‬نعمة‭ ‬الزوجة،‭ ‬ومنها‭ ‬أن‭ ‬زوجته‭ ‬ورثت‭ ‬مالا‭ ‬جما‭ ‬فتبرعت‭ ‬به‭ ‬كاملا‭ ‬لوجه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬ولم‭ ‬يدخل‭ ‬بيتها‭ ‬فلس‭ ‬واحد‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تملك‭ ‬ثوبين‭ ‬فقط‭ ‬لا‭ ‬غير‭ ‬خاطتهما‭ ‬بيديها،‭ ‬واحد‭ ‬تلبسه‭ ‬وآخر‭ ‬تغسله،‭ ‬ليس‭ ‬لحاجة‭ ‬إنما‭ ‬الزهد‭ ‬في‭ ‬رغد‭ ‬العيش‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬الكفاف‭.‬

كنت‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬تامة‭ ‬بما‭ ‬قدمه‭ ‬الدكتور‭ ‬السميط‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭ ‬لكن‭ ‬دراستي‭ ‬حالات‭ ‬الابتكار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬الدكتور‭ ‬السميط،‭ ‬جعلتني‭ ‬أبحر‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬سيرته‭ ‬ولم‭ ‬يستوقفني‭ ‬إصراره‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬العلم‭ ‬تطوعا‭ ‬أو‭ ‬هجرة‭ ‬لحياة‭ ‬أقرانه‭ ‬عالية‭ ‬الرفاهية‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة،‭ ‬إنما‭ ‬استوقفني‭ ‬كثيرا‭ ‬توفيق‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬له‭ ‬بأن‭ ‬وهبه‭ ‬رفيقة‭ ‬درب‭ ‬ملهمة‭ ‬يستمد‭ ‬منها‭ ‬قوته‭ ‬وإصراره‭ ‬على‭ ‬السعي‭ ‬في‭ ‬مبتغاه‭.‬

قد‭ ‬يبدو‭ ‬ما‭ ‬قدمته‭ ‬الزوجة‭ ‬بسيطا‭ ‬في‭ ‬شكله،‭ ‬خصوصا‭ ‬لمن‭ ‬يعيش‭ ‬التجربة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قراءة‭ ‬الأحداث‭ ‬واستنباط‭ ‬معانيها‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬عايشه‭ ‬السميط‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬يدل‭ ‬حقيقة‭ ‬على‭ ‬معنى‭ ‬العطاء‭ ‬بلا‭ ‬حدود‭ ‬وهو‭ ‬أساس‭ ‬التغيير‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬له‭ ‬المجتمعات‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ابتكار‭ ‬نمطي‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬فرقا‭ ‬كبيرا‭ ‬نلمسه‭ ‬فيما‭ ‬وصل‭ ‬له‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬لمستشفيات‭ ‬وجامعات‭ ‬آخرها‭ ‬جامعة‭ ‬الأمة‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬وافتتحها‭ ‬السميط‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬من‭ ‬وفاته‭. ‬

فكم‭ ‬منا‭ ‬يا‭ ‬ترى‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬زوجة‭ ‬السميط‭ ‬نموذجا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭.‬

 

“أبحرت‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬سيرة‭ ‬الدكتور‭ ‬السميط‭ ‬وما‭ ‬قدمه‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭ ‬ورفيقة‭ ‬دربه‭ ‬الملهمة‭ ‬التي‭ ‬استمد‭ ‬منها‭ ‬قوته‭ ‬وإصراره‭ ‬على‭ ‬السعي‭ ‬في‭ ‬مبتغاه”‭.‬