أغلى الكؤوس

| د. عبدالله الحواج

كم‭ ‬كنت‭ ‬سعيدًا‭ ‬وأنا‭ ‬أشارك‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬قرعة‭ ‬“أغلى‭ ‬الكؤوس”‭ ‬التي‭ ‬نظمها‭ ‬الاتحاد‭ ‬البحريني‭ ‬لكرة‭ ‬السلة‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭.‬

كم‭ ‬كنت‭ ‬فخورًا‭ ‬بأن‭ ‬أغلى‭ ‬الكؤوس‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬وأن‭ ‬البطولة‭ ‬يرعاها‭ ‬حفيده‭ ‬الوفي‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬رئيس‭ ‬الاتحاد؛‭ ‬مبعث‭ ‬سعادتي‭ ‬أن‭ ‬محاسن‭ ‬الصدف‭ ‬قادتني‭ ‬لكي‭ ‬أتابع‭ ‬الجذور‭ ‬وهي‭ ‬تثمر‭ ‬والأصول‭ ‬وهي‭ ‬تنجب،‭ ‬والخصال‭ ‬وهي‭ ‬تتوارث‭ ‬عبر‭ ‬نشاط‭ ‬وحيوية‭ ‬وجدية‭ ‬حفيد‭ ‬باني‭ ‬نهضة‭ ‬البحرين،‭ ‬ونجل‭ ‬الأب‭ ‬الغالي‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬خليفة‭ ‬الذي‭ ‬ورث‭ ‬دماثة‭ ‬الخلق،‭ ‬وموطن‭ ‬الحكمة،‭ ‬وجسارة‭ ‬السلوك‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬كريمة‭ ‬تعرف‭ ‬كيف‭ ‬تدير‭ ‬منظومة‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة،‭ ‬وكيف‭ ‬تتعلق‭ ‬بالمراحل‭ ‬والتاريخ‭ ‬لكي‭ ‬تبني‭ ‬عليها،‭ ‬أمة‭ ‬ناهضة،‭ ‬وحضارة‭ ‬خالدة‭.‬

كان‭ ‬الحفيد‭ ‬الغالي‭ ‬متقدمًا‭ ‬الصفوف،‭ ‬مستوحيًا‭ ‬رجاحة‭ ‬خطاه،‭ ‬وبراعة‭ ‬طلته،‭ ‬من‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬ووارثًا‭ ‬عبقريًا‭ ‬لقدرة‭ ‬والده‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا‭ ‬فوق‭ ‬السجاد‭ ‬الأحمر‭ ‬بخطى‭ ‬ملؤها‭ ‬الكرامة،‭ ‬والإباء‭ ‬والعزة‭ ‬والفداء‭.‬

وللحق‭ ‬أقول‭ ‬إنني‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المساء‭ ‬وأنا‭ ‬أتابع‭ ‬بالصالة‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬الجفير‭ ‬وقائع‭ ‬حفل‭ ‬سحب‭ ‬قرعة‭ ‬“أغلى‭ ‬الكؤوس”‭ ‬كان‭ ‬الحضور‭ ‬شغوفًا‭ ‬بأن‭ ‬يشاهد‭ ‬فيلمًا‭ ‬قصيرًا‭ ‬عن‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬عن‭ ‬إنجازاته،‭ ‬وبراعة‭ ‬خطاه،‭ ‬عن‭ ‬تضحياته‭ ‬وكيف‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬مثلًا‭ ‬يحتذى‭ ‬وسلوكًا‭ ‬يرتجى،‭ ‬وتقليدًا‭ ‬مرعيًا،‭ ‬وبالفعل‭ ‬كان‭ ‬الفيلم‭ ‬موحيًا،‭ ‬وكانت‭ ‬الذكريات‭ ‬تلاحق‭ ‬الإنجازات‭ ‬والأمنيات‭ ‬تتابع‭ ‬الخطوات‭.‬

بعد‭ ‬الحفل‭ ‬وقف‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي،‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ساعة‭ ‬وهو‭ ‬يصافح‭ ‬المدعوين‭ ‬قبل‭ ‬الوداع،‭ ‬هنا‭ ‬فقط‭ ‬أدركت‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬للحفيد‭ ‬الخصال‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬أورثها‭ ‬الجد‭ ‬لأبناء‭ ‬أبنائه،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬الأكبر‭ ‬قد‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬غرس‭ ‬صفات‭ ‬الأبوة‭ ‬الحقة‭ ‬والكرم‭ ‬الأغر،‭ ‬والتواضع‭ ‬الجم‭ ‬في‭ ‬بني‭ ‬بنيه‭.‬

لقد‭ ‬قرأت‭ ‬في‭ ‬مصافحة‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬حركة‭ ‬الأيادي‭ ‬وصلابة‭ ‬الصبر،‭ ‬وعشق‭ ‬الناس،‭ ‬وفهمت‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬فهمت‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الخالدة‭ ‬لا‭ ‬تُبنى‭ ‬اعتباطًا‭ ‬لكنها‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أكتاف‭ ‬رجال‭ ‬أشداء،‭ ‬وقادة‭ ‬أوفياء،‭ ‬وأجيال‭ ‬تعقبها‭ ‬أجيال،‭ ‬كما‭ ‬كنت‭ ‬فخورًا‭ ‬بأن‭ ‬بلادنا‭ ‬مازالت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الإنجاب،‭ ‬على‭ ‬البذل‭ ‬والعطاء،‭ ‬على‭ ‬التضحية‭ ‬والفداء،‭ ‬وأنها‭ ‬لم‭ ‬تشخ‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬عاقرًا،‭ ‬مثلما‭ ‬يحاول‭ ‬تصويرها‭ ‬المغرضون‭.‬

البحرين‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬الأولون‭ ‬بأنها‭ ‬أرض‭ ‬الخلود،‭ ‬لن‭ ‬تبخل‭ ‬عن‭ ‬الجود‭ ‬والإثمار،‭ ‬عن‭ ‬الطرح‭ ‬الأبدي‭ ‬للكفاءات‭ ‬النادرة،‭ ‬والعقول‭ ‬الصابرة،‭ ‬والنفوس‭ ‬المطمئنة،‭ ‬ولعل‭ ‬في‭ ‬مساء‭ ‬قرعة‭ ‬أغلى‭ ‬الكؤوس‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الحفيد‭ ‬كان‭ ‬تلميذًا‭ ‬نجيبًا‭ ‬في‭ ‬مجالس‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬وأنه‭ ‬أستاذ‭ ‬عليم‭ ‬في‭ ‬محافل‭ ‬دولته‭ ‬المستقرة،‭ ‬وبلاده‭ ‬الآمنة،‭ ‬وربوع‭ ‬وطنه‭ ‬العظيم‭.‬