في الحرب الفاترة! (2)

| علي نون

معضلتنا‭ ‬موصولة‭! ‬وأحدثها‭ ‬أن‭ ‬ديفيد‭ ‬هيل‭ ‬مساعد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأميركي‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬بيروت،‭ ‬ويجري‭ ‬محادثات‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬أمور‭ ‬كثيرة،‭ ‬معظمها‭ ‬أو‭ ‬أبرزها‭ ‬يتّصل‭ ‬بوضعية‭ ‬“حزب‭ ‬الله”‭ ‬باعتباره‭ ‬امتداداً‭ ‬صلباً‭ ‬للسياسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬وأداة‭ ‬مركزية‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬نفوذ‭ ‬طهران،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يُفترض‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ (‬والتحليل‭!) ‬أن‭ ‬تُلْحق‭ ‬زيارته‭ ‬بواحدة‭ ‬إيرانية‭ ‬سريعة‭! ‬يُقصد‭ ‬منها‭ (‬أيضاً‭) ‬تأكيد‭ ‬“النفوذ”‭ ‬شكلاً‭ ‬ومضموناً‭! ‬وعدم‭ ‬“السكوت”‭ ‬عن‭ ‬“رسائل”‭ ‬الأميركيين‭ ‬المتحدّية‭ ‬لذلك‭ ‬النفوذ‭! ‬

علماً‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬زيارة‭ ‬هيل‭ ‬جاءت‭ ‬للأخذ‭ ‬بخاطر‭ ‬اللبنانيين‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يشملهم‭ ‬بومبيو‭ ‬بجولته‭ (‬المقطوعة‭) ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬معلومات‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬زيارة‭ ‬غير‭ ‬مُعلنة‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬قائد‭ ‬“فيلق‭ ‬القدس”‭ ‬في‭ ‬“الحرس‭ ‬الثوري”‭ ‬الجنرال‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬إلى‭ ‬العاصمة‭ ‬اللبنانية؟‭!‬

والبيّن‭ ‬الواضح‭ ‬والنافر،‭ ‬أنّ‭ ‬الأميركيين‭ ‬يتخبّطون‭ ‬ويُربكون‭ ‬العالم‭ ‬معهم،‭ ‬والإيرانيون‭ ‬متوتّرون‭ ‬ويراهنون‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬التخبّط‭ ‬وبوتيرة‭ ‬متوترة‭ ‬بدورها‭ ‬وتنعكس‭ ‬على‭ ‬حركتهم‭ ‬وقراراتهم‭ ‬التي‭ ‬تصيبنا‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬مثلما‭ ‬تصيب‭ ‬العراقيين‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬واليمنيّين‭ ‬في‭ ‬اليمن‭... ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬البولنديين‭ ‬في‭ ‬بولندا‭ ‬الذين‭ ‬“ذكّرتهم”‭ ‬طهران‭ ‬بالأمس‭ ‬بويلات‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬لأنهم‭ ‬قبِلوا‭ ‬استضافة‭ ‬المؤتمر‭ ‬الأميركي‭ ‬المخصّص‭ ‬لتدعيم‭ ‬الجبهة‭ ‬المتصدّية‭ ‬لسياسات‭ ‬أولياء‭ ‬الشأن‭ ‬والأمر‭ ‬فيها‭!‬

من‭ ‬بين‭ ‬شقوق‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬الكبيرة‭ ‬والعريضة‭ ‬تتسلل‭ ‬نزعات‭ ‬أسدية‭ ‬وضيعة‭ ‬وصغيرة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وتأخذ‭ ‬أشكال‭ ‬الطبول‭ ‬الفارغة‭ ‬التي‭ ‬تُصدر‭ ‬أصواتاً‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬حجمها‭ ‬ووزنها‭ ‬وأثقالها‭! ‬وتُعبّر‭ ‬عن‭ ‬حالها‭ ‬بإخلاص‭ ‬شديد‭ ‬لمدوّنة‭ ‬السفاهة‭ ‬والانحطاط‭ ‬السياسي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬المألوفة‭ ‬في‭ ‬المخزون‭ ‬الأسدي‭!‬

يُتوقع‭ ‬أن‭ ‬تزداد‭ ‬وتيرة‭ ‬ضجيج‭ ‬تلك‭ ‬الطبول‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الآتية،‭ ‬وتزداد‭ ‬في‭ ‬موازاتها‭ ‬وتيرة‭ ‬ظواهر‭ ‬الفوضى‭ ‬والتفلّت‭ ‬والتوتر‭ ‬وبعناوين‭ ‬متفرّقة‭ ‬سياسية‭ ‬و”ميثاقية”‭ ‬ومطلبية‭ ‬وشارعية،‭ ‬وأن‭ ‬تشتدّ‭ ‬المماحكة‭ (‬الخطيرة‭) ‬بين‭ ‬حلفاء‭ ‬“حزب‭ ‬الله”،‭ ‬لكن‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يخرق‭ ‬سقف‭ ‬الاستقرار‭ ‬النسبي‭ ‬القائم،‭ ‬وإلى‭ ‬أن‭ ‬تتوضح‭ ‬مآلات‭ ‬وتطورات‭ ‬الحرب‭ ‬الفاترة‭ ‬الأميركية‭ ‬–‭ ‬الإيرانية‭... ‬ومصير‭ ‬ترامب‭!. ‬“المستقبل”‭.‬