ومضة قلم

البطالة وكرة الثلج

| محمد المحفوظ

أضحت‭ ‬معضلة‭ ‬البطالة‭ ‬أشبه‭ ‬بكرة‭ ‬الثلج‭ ‬التي‭ ‬قرأنا‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬حكايات‭ ‬الأطفال،‭ ‬تأخذ‭ ‬في‭ ‬التضخم‭ ‬والتمدد‭ ‬وتصبح‭ ‬أضعاف‭ ‬حجمها‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تبادر‭ ‬الجهات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالتصدي‭ ‬لها‭ ‬ومعالجتها‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬الممكنة‭.‬

العلة‭ ‬في‭ ‬تضخم‭ ‬البطالة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬خافية‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬لا‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬ولا‭ ‬أي‭ ‬فرد‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬موقعه،‭ ‬وأتذكر‭ ‬تصريحا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬أطلقه‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬صباح‭ ‬الدوسري‭ ‬قبل‭ ‬عامين‭ ‬وأصبح‭ ‬حينها‭ ‬حديث‭ ‬جميع‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬بوصفه‭ ‬حديثا‭ ‬صريحا‭ ‬وصادرا‭ ‬عن‭ ‬مسؤول‭ ‬يدرك‭ ‬أبعاد‭ ‬المشكلة،‭ ‬وكان‭ ‬بمثابة‭ ‬جرس‭ ‬إنذار‭ ‬لمن‭ ‬يهمهم‭ ‬الأمر‭ ‬بالإسراع‭ ‬بمعالجة‭ ‬الأمر،‭ ‬لكن‭ ‬المؤسف‭ ‬أنّ‭ ‬صرخته‭ ‬ذهبت‭ ‬أدراج‭ ‬الرياح،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يتحرك‭ ‬أحد‭ ‬لحلحلتها‭ ‬فأخذت‭ ‬بالتضخم‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬نراه‭ ‬أمامنا‭ ‬اليوم‭.‬

الوكيل‭ ‬الدوسري‭ ‬أقر‭ ‬عبر‭ ‬تصريحه‭ ‬بأن‭ ‬أسباب‭ ‬البطالة‭ ‬الحقيقية‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬تحكم‭ ‬عمالة‭ ‬أجنبية‭ ‬عبر‭ ‬وظيفة‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التوظيف‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬ويؤكد‭ ‬الوكيل‭ ‬“أن‭ ‬المتتبع‭ ‬يشعر‭ ‬أنهم‭ ‬موجودون‭ ‬مئة‭ ‬في‭ ‬المئة”‭.‬

كان‭ ‬الحل‭ ‬المقترح‭ ‬وهو‭ ‬ضمن‭ ‬توجه‭ ‬الوزارة‭ ‬استهداف‭ ‬وظائف‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬ومشرفي‭ ‬العمل‭ ‬والسعي‭ ‬لبحرنتها،‭ ‬ولا‭ ‬ندري‭ ‬لماذا‭ ‬تلكأت‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬في‭ ‬بحرنة‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭.‬

التسويف‭ ‬والمماطلة‭ ‬في‭ ‬بحرنة‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬للمؤسسات‭ ‬أفضى‭ ‬إلى‭ ‬استفحال‭ ‬معضلة‭ ‬البطالة،‭ ‬ولو‭ ‬قدر‭ ‬للخطوة‭ ‬المشار‭ ‬إليها‭ ‬أن‭ ‬تتجسد‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لأمكن‭ ‬توفير‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬25‭ ‬ألف‭ ‬وظيفة‭ ‬وبأجور‭ ‬تتراوح‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬بين‭ ‬400‭ ‬و500‭ ‬دينار‭ ‬بحرينيّ‭.‬

وكنا‭ ‬قد‭ ‬أشرنا‭ ‬غير‭ ‬مرة‭ ‬إلى‭ ‬حذو‭ ‬تجربة‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬في‭ ‬تخصيص‭ ‬وظائف‭ ‬قطاعات‭ ‬معينة‭ ‬على‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬لإحلالهم‭ ‬فيها،‭ ‬لكن‭ ‬الملاحظ‭ ‬أنّه‭ ‬ليست‭ ‬لدى‭ ‬الوزارة‭ ‬نية‭ ‬للأخذ‭ ‬بالتجربة،‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬سلبا‭ ‬وضاعف‭ ‬أعداد‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬الذين‭ ‬قدروا‭ ‬بـ‭ ‬18‭ ‬ألف‭ ‬باحث‭ ‬عن‭ ‬عمل‭.‬

من‭ ‬المهم‭ ‬التذكير‭ ‬بأنّ‭ ‬الأغلبية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬لا‭ ‬يمانعون‭ ‬من‭ ‬قبول‭ ‬أية‭ ‬وظيفة‭ ‬تعرض‭ ‬عليهم‭ ‬يتم‭ ‬التدرج‭ ‬فيها‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬الخبرة‭.‬

يبقى‭ ‬العائق‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬ضآلة‭ ‬الرواتب‭ ‬المحددة،‭ ‬فأغلبية‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬تعرض‭ ‬راتبا‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬300‭ ‬دينار‭ ‬فقط‭ ‬وغير‭ ‬خاضع‭ ‬للتفاوض،‭ ‬والذي‭ ‬يأمله‭ ‬الموطن‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تكتفي‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬بدور‭ ‬المراقب،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬دورها‭ ‬مؤثرا‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬صلاحيات‭.‬