في بيتنا معنفة

| ياسمين خلف

مرعبة‭ ‬الأرقام‭ ‬الإحصائية‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬تسجيل‭ ‬نحو‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭ ‬عنف‭ ‬ضد‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬خلال‭ ‬العشر‭ ‬سنوات‭ ‬الأخيرة‭ (‬2007-2017‭) ‬بحسب‭ ‬سجلات‭ ‬دور‭ ‬الإيواء‭ ‬والإرشاد‭ ‬الأسري،‭ ‬أي‭ ‬بمعدل‭ ‬5‭ ‬آلاف‭ ‬معنفة‭ ‬سنوياً،‭ ‬لسكان‭ ‬يتجاوز‭ ‬عددهم‭ ‬مليونا‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬بقليل‭ (‬نسبة‭ ‬النساء‭ ‬منهم‭ ‬نحو‭ ‬42‭ %)‬،‭ ‬فإن‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الأرقام‭ ‬المفصح‭ ‬عنها،‭ ‬فما‭ ‬بال‭ ‬الأرقام‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬تتستر‭ ‬وراء‭ ‬رداء‭ ‬الخجل‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالتعرض‭ ‬للعنف‭ ‬الأسري‭.‬

نساء‭ ‬يعانين‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬جسدي،‭ ‬ونفسي،‭ ‬واقتصادي‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭ ‬بين‭ ‬جدران‭ ‬منازلهن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يجدن‭ ‬من‭ ‬ينقذهن‭ ‬من‭ ‬موت‭ ‬بطيء‭ ‬يحاصرهن،‭ ‬ويحاصر‭ ‬أبناءهن‭ ‬الذين‭ ‬يمارس‭ ‬عليهم‭ ‬عنف‭ ‬آخر،‭ ‬بل‭ ‬قل‭ ‬ظلم‭ ‬آخر،‭ ‬نظير‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬غير‭ ‬صحية‭ ‬لا‭ ‬اجتماعياً،‭ ‬ولا‭ ‬نفسياً،‭ ‬فتلحق‭ ‬بعضهم‭ ‬آثار‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬البقية‭ ‬الباقية‭ ‬من‭ ‬حياتهم‭. ‬وليس‭ ‬غريبا‭ ‬ولا‭ ‬مستبعدا‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬آبائهم‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬ومتى‭ ‬ما‭ ‬أعلنت‭ ‬المرأة‭ ‬استسلامها‭ ‬لكل‭ ‬ذلك،‭ ‬وطالبت‭ ‬بحقها‭ ‬في‭ ‬الانفصال،‭ ‬أو‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬حصلت‭ ‬عليه‭ ‬فعلياً،‭ ‬حاصرتها‭ ‬الأعباء‭ ‬الحياتية،‭ ‬ولا‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬ينصفها‭ ‬ويأخذ‭ ‬حقها‭ ‬وحق‭ ‬أبنائها،‭ ‬فيهضم‭ ‬حقها،‭ ‬خصوصاً‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحضانة‭ ‬الأبناء،‭ ‬والنفقة،‭ ‬وحقها‭ ‬في‭ ‬السكن‭ ‬الذي‭ ‬يؤويها‭ ‬وأبناءها،‭ ‬فكثيرات‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يملكن‭ ‬مصدراً‭ ‬للدخل،‭ ‬وكثيرات‭ ‬تضيق‭ ‬منازل‭ ‬آبائهن‭ ‬عليهن‭ ‬بعد‭ ‬زواجهن،‭ ‬فلا‭ ‬يجدن‭ ‬لهن‭ ‬مأوى‭ ‬بعد‭ ‬الطلاق‭. ‬

للأسف‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬ينظر‭ ‬بعين‭ ‬الشك‭ ‬لكل‭ ‬زوجة‭ ‬تجأر‭ ‬بالشكوى‭ ‬من‭ ‬زوجها،‭ ‬وكأن‭ ‬أي‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬الزوجية‭ ‬سببه‭ ‬المرأة،‭ ‬ومؤسف‭ ‬أنك‭ ‬تقف‭ ‬مكتوف‭ ‬الأيدي‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬من‭ ‬تلجأ‭ ‬إليك‭ ‬شاكية‭ ‬غير‭ ‬المواساة‭ ‬والمشاركة‭ ‬العاطفية،‭ ‬فها‭ ‬هي‭ ‬أم‭ ‬لطفلين‭ ‬أحدهما‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬اضطراب‭ ‬طيف‭ ‬التوحد،‭ ‬تعرضت‭ ‬لعنف‭ ‬جسدي‭ ‬ونفسي‭ ‬من‭ ‬زوجها،‭ ‬وطلقها‭ ‬بعدما‭ ‬خسرت‭ ‬وظيفتها،‭ ‬تاركاً‭ ‬إياها‭ ‬مثقلة‭ ‬بديون‭ ‬بنكية‭ ‬نظير‭ ‬اقتراضها‭ ‬الآلاف‭ ‬لترميم‭ ‬سكنهما،‭ ‬هي‭ ‬اليوم‭ ‬مهددة‭ ‬بالطرد‭ ‬من‭ ‬السكن‭ ‬لتأخرها‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬الإيجار‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬أشهر،‭ ‬وتتوجس‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬يغيب‭ ‬فيها‭ ‬ابناها‭ ‬عن‭ ‬ناظريها‭ ‬لحصول‭ ‬زوجها‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬حضانتهما،‭ ‬هي‭ ‬اليوم‭ ‬تطالب‭ ‬بحقها‭ ‬كامرأة‭ ‬بحرينية‭ ‬بسكن‭ ‬يضمها‭ ‬ويضم‭ ‬عيالها،‭ ‬وتناشد‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة،‭ ‬بعدما‭ ‬عجزت‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬من‭ ‬طرق‭ ‬الأبواب‭.‬

 

ياسمينة‭: ‬متى‭ ‬تضع‭ ‬المرأة‭ ‬رأسها‭ ‬على‭ ‬وسادتها‭ ‬وهي‭ ‬مطمئنة‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬سيطالب‭ ‬بحقها؟‭.‬