ذرائع

الإضافة إلى “المضافة”

| غسان الشهابي

بمزيج‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬الحنق‭ ‬والقلق‭ ‬والتيه‭ - ‬الضياع،‭ ‬استقبل‭ ‬البحرينيون‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬ضريبة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة،‭ ‬والتي‭ ‬تختصر‭ ‬لاتينياً‭ ‬بـ‭ ‬VAT‭ ‬بينما‭ ‬ينطقها‭ ‬بعض‭ ‬أهالينا‭ ‬FAT‭... ‬لا‭ ‬يهم،‭ ‬فالمهم‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة،‭ ‬قبل‭ ‬تطبيقه،‭ ‬وبعد‭ ‬التطبيق،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬غامضاً،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬لجلجة‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة‭.‬

يذكرني‭ ‬الموضوع‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬نعتقد‭ ‬–‭ ‬لإفراطنا‭ ‬الرضاع‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الأبوي‭ ‬–‭ ‬أنها‭ ‬ستُحلّ‭ ‬لوحدها،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬“أبانا”‭ ‬سيتولاها‭ ‬بينما‭ ‬نغطّ‭ ‬في‭ ‬نوم‭ ‬عميق‭. ‬أي‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يحدث‭ ‬قبلاً‭ ‬في‭ ‬تلفزيون‭ ‬البحرين‭ ‬الذي‭ ‬“يُصعق”‭ ‬سنوياً‭ ‬بحلول‭ ‬رمضان،‭ ‬فيقوم‭ ‬بتصوير‭ ‬حلقات‭ ‬مسلسلاته‭ ‬يوماً‭ ‬بيوم‭ ‬لصرامة‭ ‬التخطيط،‭ ‬أو‭ ‬كأن‭ ‬يعلم‭ ‬الكرويّون‭ ‬أن‭ ‬دورة‭ ‬الخليج‭ ‬ستكون‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بعد‭ ‬عامين،‭ ‬لكنهم‭ ‬لا‭ ‬يصحون‭ ‬من‭ ‬غفلتهم‭ ‬إلا‭ ‬قبل‭ ‬أسابيع،‭ ‬فيأتي‭ ‬من‭ ‬يعتذر‭ ‬عن‭ ‬نتائج‭ ‬المنتخب‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يتجمع‭ ‬إلا‭ ‬قبل‭ ‬شهرين،‭ ‬وأن‭ ‬الملعب‭ ‬لم‭ ‬يهيأ‭ ‬لضيق‭ ‬الوقت‭!‬

فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الطبول‭ ‬كانت‭ ‬تقرع‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة،‭ ‬وأخذت‭ ‬أصواتها‭ ‬في‭ ‬التعالي‭ ‬يوماً‭ ‬إثر‭ ‬يوم‭ ‬بقرب‭ ‬تطبيقها،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬أزعم‭ (‬وليس‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أزعمه‭ ‬واقعاً‭) ‬بأن‭ ‬السلطات‭ ‬المختصة‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬مستعدة‭ ‬كل‭ ‬الاستعداد‭ ‬لفرض‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬محيطة‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيل‭ ‬التطبيق‭ ‬والتنفيذ،‭ ‬وربما‭ ‬لم‭ ‬تجر‭ ‬تشغيلاً‭ ‬تجريبياً‭ ‬افتراضياً‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الضريبة،‭ ‬فهناك‭ ‬مناشدات‭ ‬شعبية‭ ‬ونيابية‭ ‬لأعلى‭ ‬السلطات‭ ‬بالتأجيل،‭ ‬وكأن‭ ‬الضريبة‭ ‬خاضعة‭ ‬للاسترحام،‭ ‬ويصدر‭ ‬بيان‭ ‬بالسلع‭ ‬“المضروبة”،‭ ‬ويصدر‭ ‬الجهاز‭ ‬الوطني‭ ‬للضرائب‭ ‬الخليجية‭ ‬بياناً‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬آخر،‭ ‬والمصرف‭ ‬المركزي‭ ‬يواجه‭ ‬البنوك‭ ‬بصرامة،‭ ‬ولا‭ ‬يخلو‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬العناوين‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مشروع‭ ‬الضريبة‭ ‬المضافة‭ ‬يتكامل‭ ‬يومياً‭ ‬بحسب‭ ‬التجربة‭ ‬والخطأ،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الشكوك‭ ‬تحيط‭ ‬بهذه‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬يصعب‭ ‬هضمها‭ ‬إلى‭ ‬الآن،‭ ‬فانقلبوا‭ ‬ينكتون‭ ‬على‭ ‬وضعهم،‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الدانمركي‭ ‬سورين‭ ‬كير‭ ‬كيغارد‭: ‬“إذا‭ ‬بدأ‭ ‬أي‭ ‬شعب‭ ‬بإنتاج‭ ‬النكتة،‭ ‬فاعلم‭ ‬أنه‭ ‬بدأ‭ ‬يشعر‭ ‬بالجوع‭ ‬والفقر”‭.‬

 

ليس‭ ‬المقصد‭ ‬هنا‭ ‬متعلقا‭ ‬بالضريبة‭ ‬نفسها،‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬بات‭ ‬الآن‭ ‬واقعاً‭ ‬مفروغاً‭ ‬منه،‭ ‬لكنه‭ ‬أمر‭ ‬الأجهزة‭ ‬الإدارية‭ ‬التي‭ ‬ستواجه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬المستقبلية،‭ ‬مع‭ ‬انفتاح‭ ‬شهية‭ ‬جهات‭ ‬مختلفة‭ ‬متوجهة‭ ‬لئلا‭ ‬تكون‭ ‬للمواطن‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬جيوب،‭ ‬لأنه‭ ‬لن‭ ‬يحتاجها‭ ‬مستقبلاً،‭ ‬بأن‭ ‬تحسن‭ ‬إدارة‭ ‬ملفاتها،‭ ‬وتقدمها‭ ‬للناس‭ ‬متكاملة،‭ ‬على‭ ‬الأٌقل‭ ‬حتى‭ ‬نقتنع‭ ‬بمتانة‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬هزال‭ ‬الاقتصاد‭.‬