سوالف

الحضارة الغربية المتعالية على الأجناس الأخرى

| أسامة الماجد

الحضارة‭ ‬الغربية‭ ‬المتعالية‭ ‬على‭ ‬الأجناس‭ ‬الأخرى‭ ‬تعزف‭ ‬كل‭ ‬نشاز‭ ‬في‭ ‬لحن‭ ‬البشرية‭ ‬الخالد،‭ ‬حيث‭ ‬تجردت‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأخلاق‭ ‬والقيم‭ ‬والمثل،‭ ‬وكل‭ ‬اتجاهاتها‭ ‬الفكرية‭ ‬تشكل‭ ‬نمطا‭ ‬من‭ ‬أنماط‭ ‬التخلف‭ ‬والانحلال،‭ ‬وكثيرة‭ ‬هي‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬اقتربت‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬وأشهرها‭ ‬كتاب‭ ‬“تدهور‭ ‬الحضارة‭ ‬الغربية”‭ ‬لاشبنغلر‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬فيه‭ ‬“أن‭ ‬الحضارة‭ ‬الغربية‭ ‬شاخت‭ ‬وهوت‭ ‬وتتابع‭ ‬انحدارها‭ ‬إلى‭ ‬الانحلال”‭.‬

هذه‭ ‬الحضارة‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬رعاية‭ ‬الفنانين‭ ‬والمبدعين‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬اضطهدت‭ ‬المفكرين‭ ‬والمثقفين‭ ‬والفنانين‭ ‬العظام‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭ ‬وفي‭ ‬بلدانها،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المعركة‭ ‬داخل‭ ‬الغرب‭ ‬وخارجه‭ ‬واحدة،‭ ‬إنها‭ ‬معركة‭ ‬الغرب‭ ‬ضد‭ ‬نفسه‭ ‬أولا‭ ‬وضد‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء‭ ‬ثانيا‭.. ‬معركة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭.‬

بالمراجع‭ ‬الكبيرة‭ ‬والمعاجم‭ ‬التي‭ ‬تمتلئ‭ ‬بها‭ ‬المكتبة‭ ‬العربية‭ ‬هناك‭ ‬أرقام‭ ‬خيالية‭ ‬عن‭ ‬حوادث‭ ‬الاغتصاب‭ ‬والقتل‭ ‬وولادة‭ ‬الأطفال‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬الزواج‭ ‬والإدمان‭ ‬على‭ ‬المخدرات‭ ‬والانتحار‭ ‬“29000‭ ‬حالة‭ ‬انتحار‭ ‬سنويا‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬وحدها”،‭ ‬فالفساد‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والانحلال‭ ‬يضرب‭ ‬الغرب،‭ ‬ومؤخرا‭ ‬قرأت‭ ‬أن‭ ‬20‭ % ‬من‭ ‬الزوجات‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬يعشن‭ ‬في‭ ‬منازل‭ ‬أصدقائهن‭ ‬بعد‭ ‬هجرة‭ ‬بيت‭ ‬الزوجية‭ ‬والأبناء،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬عادي‭ ‬عند‭ ‬الزوج‭ ‬طالما‭ ‬هو‭ ‬المستفيد،‭ ‬فالفراغ‭ ‬العقائدي‭ ‬والديني‭ ‬هناك‭ ‬تجاوز‭ ‬حدود‭ ‬المستحيل‭ ‬وكأنه‭ ‬الخيط‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يتمسكون‭ ‬فيه‭.‬

أمراض‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬كثيرة،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬أبشع‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬الغرب‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس‭ ‬والمعايير‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬إنهم‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬أخبث‭ ‬مرض‭ ‬عرفته‭ ‬البشرية،‭ ‬وهو‭ ‬مرض‭ ‬الانحلال‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والزيف‭ ‬حتى‭ ‬النخاع،‭ ‬مجتمعات‭ ‬هشة‭ ‬وهم‭ ‬يصورونها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬مجتمعات‭ ‬متقدمة‭ ‬ومتطورة‭ ‬وصدق‭ ‬الفيلسوف‭ ‬ألبير‭ ‬كامو‭ ‬عندما‭ ‬قال‭.. ‬“مجتمعاتنا‭ ‬الأوروبية‭ ‬الغربية‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬الاكتئاب‭ ‬واليأس‭ ‬الفاجع،‭ ‬فكل‭ ‬الدروب‭ ‬أمامنا‭ ‬مسورة‭ ‬بالرذيلة‭ ‬والجنس‭ ‬والجريمة،‭ ‬بيوتنا‭ ‬متوحدة‭ ‬وكئيبة‭ ‬وتفتقد‭ ‬الطمأنينة‭ ‬والسلام”‭.‬

 

لا‭ ‬تعطوا‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬للأجواء‭ ‬الخرافية‭ ‬التي‭ ‬تزينها‭ ‬مجلاتهم‭ ‬وصحفهم‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنشورات،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬وضع‭ ‬وجه‭ ‬بديل‭ ‬لوجه‭ ‬مجتمعهم‭ ‬الدميم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬إزالة‭ ‬غبار‭ ‬الهزيمة‭ ‬وغرابتهم‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬حد‭ ‬الشذوذ،‭ ‬ولست‭ ‬أدري‭ ‬لماذا‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يمجد‭ ‬الغرب‭ ‬وينام‭ ‬على‭ ‬الطاولة‭ ‬بجانب‭ ‬سريرهم‭.‬