ريشة في الهواء

سياسة سد الآذان... إلى أين ستقود؟

| أحمد جمعة

يبدو‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬عدم‭ ‬الرد‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬الصحافة‭ ‬ومجلس‭ ‬النواب‭ ‬ومطالبات‭ ‬المواطنين،‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬يظهر‭ ‬جلياً‭ ‬أنها‭ ‬متفق‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬الوزارات‭ ‬والإدارات‭ ‬الرسمية،‭ ‬فهذه‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بخدمات‭ ‬وشؤون‭ ‬المواطنين،‭ ‬فقراء‭ ‬وتجارا،‭ ‬رجال‭ ‬أعمال‭ ‬ومهنيين،‭ ‬عاطلين‭ ‬ومتقاعدين،‭ ‬نساء‭ ‬ورجالا،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الفئات‭ ‬والشرائح‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬طوال‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬المنصرم‭ ‬تناشد‭ ‬وتطالب‭ ‬وتترجى،‭ ‬وبلغ‭ ‬بها‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬تتوسل‭ ‬من‭ ‬يسمعها،‭ ‬وقد‭ ‬بدا‭ ‬الأمر‭ ‬وكأن‭ ‬لا‭ ‬حياة‭ ‬لمن‭ ‬تنادي،‭ ‬فقد‭ ‬تجاهلت‭ ‬جهات‭ ‬رسمية‭ ‬عدة‭ ‬كل‭ ‬نداء‭ ‬صحافي‭ ‬أو‭ ‬برلماني‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتجاهلت‭ ‬كل‭ ‬الأصوات‭ ‬ومضت‭ ‬بطريقها‭ ‬وقراراتها‭ ‬وتوجهاتها‭ ‬مخالفة‭ ‬توجيهات‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬دأب‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬بضرورة‭ ‬التجاوب‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬مطالب‭ ‬وشكاوى‭ ‬المواطنين،‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬وزراء‭ ‬ومسؤولو‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬يدركون‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يقودون‭ ‬البلد‭ ‬إليه‭ ‬بتجاهل‭ ‬وعدم‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬شكاوى‭ ‬المواطنين،‭ ‬فهم‭ ‬يدكون‭ ‬اسفينا‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والدولة‭ ‬ويعزلون‭ ‬المواطنين‭ ‬عن‭ ‬قيادتهم‭ ‬بل‭ ‬يسهم‭ ‬هؤلاء‭ ‬المسؤولون‭ ‬وهم‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تحريض‭ ‬المواطنين‭ ‬ضد‭ ‬دولتهم‭ ‬بسد‭ ‬آذانهم‭ ‬ووضع‭ ‬جدران‭ ‬وحواجز‭ ‬بين‭ ‬وزاراتهم‭ ‬والمواطنين‭ ‬بكل‭ ‬شرائحهم،‭ ‬وقد‭ ‬حذر‭ ‬العلامة‭ ‬ابن‭ ‬خلدون‭ ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬قرون‭ ‬من‭ ‬اتساع‭ ‬فجوة‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والدولة‭ ‬والتي‭ ‬سببها‭ ‬الحاشية‭ ‬والبطانة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬للإخلال‭ ‬بالأمم‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬قوية‭ ‬وواثقة،‭ ‬فعندما‭ ‬تزداد‭ ‬فجوة‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬ودولته‭ ‬فهذه‭ ‬علامة‭ ‬خطيرة‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬تجاهلها‭.‬

أظن‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحاشية‭ ‬والبطانة‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يقدرون‭ ‬ما‭ ‬تقوله‭ ‬الصحافة‭ ‬وما‭ ‬يقوله‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬تجلياتهم‭ ‬ويمضي‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬متجاهلين‭ ‬كل‭ ‬صوت‭ ‬وهم‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يقدرون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التجاهل‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يفسد‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والمواطن،‭ ‬لهذا‭ ‬لم‭ ‬يكف‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬بكل‭ ‬المناسبات‭ ‬عن‭ ‬توجيه‭ ‬المسؤولين‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الناحية‭ ‬لإدراكه‭ ‬بحكمته‭ ‬وخبرته‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬قوة‭ ‬الدولة‭ ‬وما‭ ‬المسؤول‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المواطن،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬سد‭ ‬آذانهم‭ ‬ووضع‭ ‬جدران‭ ‬أسمنتية‭ ‬وتجاهل‭ ‬مطالب‭ ‬المواطنين‭ ‬سياسة‭ ‬حكيمة‭ ‬توفر‭ ‬لهم‭ ‬راحة‭ ‬البال‭ ‬وتجعلهم‭ ‬ينامون‭ ‬قريري‭ ‬الأعين‭ ‬ولا‭ ‬يدركون‭ ‬خطر‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والمواطن‭.‬

 

تنويرة‭:

‬الدين‭ ‬متى‭ ‬أصبح‭ ‬مصدراً‭ ‬للخوف‭ ‬فقد‭ ‬هيبته‭.‬