صور مختصرة

“الكل يضرب من صوب”

| عبدالعزيز الجودر

لا‭ ‬يوجد‭ ‬مواطن‭ ‬أو‭ ‬مقيم‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬إلا‭ ‬ويصرخ‭ ‬من‭ ‬آلية‭ ‬تطبيق‭ ‬ضريبة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬الأسعار‭ ‬ومحدودية‭ ‬المفتشين‭ ‬والفوضى‭ ‬العارمة‭ ‬التي‭ ‬اكتسحت‭ ‬السوق‭ ‬المحلي،‭ ‬والاستغلال‭ ‬البشع‭ ‬والجشع‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬ليس‭ ‬قليلا‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية‭.‬

مع‭ ‬ذلك‭ ‬قوائم‭ ‬شكاوى‭ ‬المستهلك،‭ ‬والمشاهد‭ ‬والقصص‭ ‬المؤلمة‭ ‬التي‭ ‬تحصل‭ ‬هذه‭ ‬الايام‭ ‬ونشرها‭ ‬عبر‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المزري‭ ‬يعد‭ ‬مؤشرا‭ ‬خطيرا‭ ‬فيما‭ ‬لو‭ ‬بقي‭ ‬على‭ ‬حاله‭.‬

البحرين‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الموحدة‭ ‬لضريبة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬ضمن‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬24‭ ‬شهرا،‭ ‬وطيلة‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬لم‭ ‬تتجهز‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬للتطبيق‭ ‬الفعلي،‭ ‬والذي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬عملها‭ ‬في‭ ‬تكثيف‭ ‬البرامج‭ ‬التوعوية‭ ‬والتثقيفية‭ ‬وإقامة‭ ‬الورش‭ ‬والندوات‭ ‬ونشرها‭ ‬عبر‭ ‬الصحافة‭ ‬وقنوات‭ ‬التلفزة‭ ‬والإذاعة‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الأخرى،‭ ‬ما‭ ‬مهد‭ ‬الطريق‭ ‬لجعل‭ ‬الفأس‭ ‬يأتي‭ ‬فوق‭ ‬الرأس‭ ‬وأصبح‭ ‬المستهلك‭ ‬يتجرع‭ ‬مرارة‭ ‬عشوائية‭ ‬تطبيق‭ ‬الضريبة،‭ ‬وبات‭ ‬فريسة‭ ‬سهلة‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬التجار‭ ‬والباعة‭ ‬المعروف‭ ‬عنهم‭ ‬جشعهم‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭.‬

اليوم‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬12‭ ‬يوما‭ ‬على‭ ‬التنفيذ‭ ‬الفعلي‭ ‬لهذه‭ ‬الضريبة‭ ‬نكتشف‭ ‬أن‭ ‬مراعاة‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإعفاءات‭ ‬وعدم‭ ‬تحصيلها‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬دخل‭ ‬البحريني‭ ‬لم‭ ‬تفعل،‭ ‬كما‭ ‬أصبح‭ ‬“الكل‭ ‬يضرب‭ ‬في‭ ‬البحريني‭ ‬من‭ ‬صوب”‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬حماية‭ ‬حقيقية‭ ‬له‭.‬

في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬الماضي‭ ‬فوجئ‭ ‬السواد‭ ‬الأعظم‭ ‬من‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬بإعلان‭ ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬فرض‭ ‬ضريبة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬بنسبة‭ ‬5‭ ‬بالمئة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الهيئة‭ ‬للمواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬وفي‭ ‬مقدمة‭ ‬ذلك‭ ‬فاتورة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬المواطنين‭ ‬يعيشون‭ ‬القلق‭ ‬والخوف‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬يستبعدون‭ ‬فرض‭ ‬5‭ ‬بالمئة‭ ‬على‭ ‬باقي‭ ‬الخدمات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الإدارات‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬القادمة‭.‬

قبل‭ ‬التفعيل‭ ‬بفترة‭ ‬قلنا‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬إنصاف‭ ‬وعدالة‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬الضريبة،‭ ‬فهل‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬البحريني‭ ‬صاحب‭ ‬الدخل‭ ‬الشهري‭ ‬الضعيف‭ ‬“اللي‭ ‬يسحّت‭ ‬ذرعانه”‭ ‬كي‭ ‬يعيش‭ ‬مع‭ ‬أفراد‭ ‬أسرته‭ ‬“بالعزر”‭ ‬إلى‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر‭ ‬يتساوى‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬الضريبة‭ ‬مع‭ ‬بحريني‭ ‬آخر‭ ‬مدخوله‭ ‬اليومي‭ ‬وليس‭ ‬الشهري‭ ‬“آلاف‭ ‬الدنانير”؟

الوضع‭ ‬المعيشي‭ ‬أصبح‭ ‬مؤلما‭ ‬جدا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمواطن‭ ‬العادي‭ ‬تحديدا‭ ‬والضربات‭ ‬المتتالية‭ ‬التي‭ ‬تنزل‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الاتجاهات‭ ‬“ما‭ ‬تعطيه‭ ‬فرصة‭ ‬علشان‭ ‬ينبه‭ ‬راسه”‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تمر‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬إلا‭ ‬ويجد‭ ‬نفسه‭ ‬يواجه‭ ‬مشكلة‭ ‬معيشية‭ ‬جديدة‭ ‬“عويصه”،‭ ‬ومن‭ ‬الحجم‭ ‬الثقيل‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬استنزاف‭ ‬جيبه‭ ‬لوقت‭ ‬طويل،‭ ‬فهل‭ ‬من‭ ‬مغيث‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتأزم‭ ‬الأمور‭ ‬ويصعب‭ ‬حلها‭ ‬يا‭ ‬كبار‭ ‬نواخذة‭ ‬البلاد؟‭ ‬وعساكم‭ ‬عالقوة‭.‬