ومضة قلم

الفرق بين تعليمهم وتعليمنا

| محمد المحفوظ

لم‭ ‬تكن‭ ‬مفاجأة‭ ‬لأحد‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬الجامعات‭ ‬العربية‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬تصنيف‭ ‬التعليم‭ ‬العالمي،‭ ‬فالمؤشر‭ ‬العالمي‭ ‬الجديد‭ ‬لأفضل‭ ‬الجامعات‭ ‬الذي‭ ‬أصدرته‭ ‬“تايمز‭ ‬هاير‭ ‬إديوكيشن”‭ ‬البريطانية‭ ‬المتخصصة،‭ ‬أكد‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة،‭ ‬فقد‭ ‬خلا‭ ‬من‭ ‬ذكر‭ ‬جامعة‭ ‬عربية‭ ‬ضمن‭ ‬1250‭ ‬جامعة‭ ‬من‭ ‬شتى‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حوالي‭ ‬88‭ ‬دولة‭ ‬مختلفة،‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬خمسة‭ ‬معايير‭ ‬رئيسية‭ ‬تشمل‭ ‬التدريس‭ ‬وبيئة‭ ‬التعلم‭ ‬والبحث‭ ‬والاستشهادات‭ ‬والتأثير‭ ‬البحثي‭ ‬والدخل‭ ‬الصناعي‭ ‬والتوزيع‭ ‬والسمعة‭ ‬الدولية‭.‬

وكان‭ ‬الاستثناء‭ ‬الوحيد‭ ‬بين‭ ‬الثلاثمئة‭ ‬جامعة‭ ‬في‭ ‬التصنيف‭ ‬والذي‭ ‬نعتقد‭ ‬أنه‭ ‬حفظ‭ ‬سمعة‭ ‬العرب‭ ‬“جامعة‭ ‬الملك‭ ‬فهد‭ ‬للبترول‭ ‬والمعادن”‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬الرتبة‭ ‬479‭ ‬عالمياً‭. ‬أما‭ ‬الذي‭ ‬يبعث‭ ‬على‭ ‬الأسف‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تحتل‭ ‬الجامعة‭ ‬العبرية‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬المرتبة‭ ‬71‭ ‬عالميا،‭ ‬ومعهد‭ ‬وايزمان‭ ‬للعلوم‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬89‭. ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬التقرير‭ ‬المشار‭ ‬إليه‭ ‬هل‭ ‬تجري‭ ‬الجامعات‭ ‬العربية‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬تقييما‭ ‬أو‭ ‬مراجعة‭ ‬شاملة‭ ‬لأوضاعها‭ ‬التعليمية‭ ‬والإدارية؟

بالتأكيد‭ ‬إنّ‭ ‬هناك‭ ‬خللا‭ ‬فادحا‭ ‬لدى‭ ‬هذه‭ ‬الجامعات‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إصلاحه‭.. ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الجامعات‭ ‬العربية‭ ‬باتوا‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬راسخة‭ ‬بأنّ‭ ‬المفاضلة‭ ‬بين‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬التعليمية‭ ‬والغربية‭ ‬ليس‭ ‬أمرا‭ ‬دقيقا،‭ ‬أما‭ ‬الذرائع‭ ‬التي‭ ‬يستندون‭ ‬إليها‭ ‬فتتلخص‭ ‬في‭ ‬أنّ‭ ‬الجامعات‭ ‬الغربية‭ ‬لها‭ ‬تاريخ‭ ‬عريق‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬مئات‭ ‬السنوات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإنّ‭ ‬المطالبة‭ ‬بمنافستها‭ ‬غير‭ ‬ممكن‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬المدى‭ ‬المنظور‭.‬

لقد‭ ‬تناسى‭ ‬من‭ ‬يسوق‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المبررات‭ ‬أنّ‭ ‬جامعة‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬والتي‭ ‬أحرزت‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬التصنيفات‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬تاريخها‭ ‬بضعة‭ ‬عقود‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬السنوات‭.‬

يبدو‭ ‬لنا‭ ‬أنّ‭ ‬أحد‭ ‬العوامل‭ ‬الكامنة‭ ‬وراء‭ ‬تقهقر‭ ‬جامعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭  ‬مخصص‭ ‬دعم‭ ‬البحث‭ ‬العلميّ‭ ‬ضئيل‭ ‬وليس‭ ‬كافيا‭ ‬لتمويل‭ ‬برامجها،‭ ‬ومقارنة‭ ‬بما‭ ‬يخصص‭ ‬للبحث‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬فإنّ‭ ‬النسبة‭ ‬تعادل‭ ‬5‭ % ‬من‭ ‬دخله‭ ‬القوميّ،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬النسب‭ ‬العالية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالميّ‭ ‬بينما‭ ‬أعلى‭ ‬نسبة‭ ‬تمنحها‭ ‬جامعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬الـ‭ ‬2‭ % ‬فقط‭! ‬

الذي‭ ‬نعتقده‭ ‬أنّ‭ ‬التساؤل‭ ‬الذي‭ ‬طرحه‭ ‬رواد‭ ‬النهضة‭ ‬العربية‭ ‬قبل‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬ومفاده‭ ‬“لماذا‭ ‬تقدموا‭ ‬وتأخرنا؟”‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬مسوغ‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬إنّ‭ ‬أسباب‭ ‬النهوض‭ ‬بأيدينا‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬تتوفر‭ ‬لدينا‭ ‬الإرادة‭ ‬الجادة‭.‬