ومضة قلم

البحريني أولا... خيار مؤجل

| محمد المحفوظ

السياسة‭ ‬التي‭ ‬دأبت‭ ‬عليها‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬تفضيل‭ ‬الأجنبي‭ ‬على‭ ‬البحرينيّ‭. ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬بات‭ ‬يمثل‭ ‬لديها‭ ‬خيارا‭ ‬استراتيجيا،‭ ‬ولا‭ ‬يبدو‭ ‬أنّها‭ ‬في‭ ‬وارد‭ ‬التراجع‭ ‬عنه‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مراجعته،‭ ‬أمّا‭ ‬الذّي‭ ‬يستعصي‭ ‬على‭ ‬الفهم‭ ‬أن‭ ‬يرفض‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬مقترحاً‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأولوية‭ ‬للبحريني‭ ‬على‭ ‬الأجنبي،‭ ‬وهذه‭ ‬ليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬بالغ‭ ‬الغرابة‭ ‬للمجلس،‭ ‬فقبل‭ ‬سنوات‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015م‭ ‬أقدم‭ ‬الشوريون‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬مشابه‭ ‬عندما‭ ‬رفضوا‭ ‬مشروعا‭ ‬لتعديلات‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬منح‭ ‬الأفضلية‭ ‬للمواطن‭ ‬البحرينيّ‭ ‬على‭ ‬الأجنبيّ‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬التوظيف‭ ‬ومراعاة‭ ‬تسريح‭ ‬الأجنبيّ‭ ‬قبل‭ ‬البحرينيّ‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬اضطرار‭ ‬المنشأة‭ ‬للإغلاق‭ ‬الجزئي‭ ‬أو‭ ‬الكليّ‭.‬

كنا‭ ‬نأمل‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬تشريعية‭ ‬كمجلس‭ ‬الشورى‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬إلى‭ ‬صف‭ ‬المواطن‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬قضاياه،‭ ‬حيث‭ ‬يمثل‭ ‬حق‭ ‬العمل‭ ‬الأولوية‭ ‬القصوى‭ ‬للمواطن،‭ ‬والذي‭ ‬هو‭ ‬موضع‭ ‬استغرابنا‭ ‬الشديد‭ ‬انحياز‭ ‬الأعضاء‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إجهاض‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬أو‭ ‬مقترح‭ ‬نيابيّ‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تعديل‭ ‬واقع‭ ‬المواطن‭ ‬البحرينيّ،‭ ‬وقبيل‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الفائت‭ ‬طالب‭ ‬أحد‭ ‬البرلمانيين‭ ‬بحصر‭ ‬وظائف‭ ‬للبحرينيين‭ ‬نظرا‭ ‬لعدد‭ ‬البحرينيين‭ ‬الهائل‭ ‬ممن‭ ‬ينتظرون‭ ‬التوظيف،‭ ‬غير‭ ‬أنّ‭ ‬المقترح‭ ‬لم‭ ‬يقيض‭ ‬له‭ ‬النجاح‭.‬

وخلال‭ ‬أيام‭ ‬قلائل‭ ‬أعلنت‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬قصر‭ ‬خمس‭ ‬وظائف‭ ‬محددة‭ ‬على‭ ‬مواطنيها‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬تستهدف‭ ‬تشغيل‭ ‬أعداد‭ ‬من‭ ‬العاطلين‭ ‬وبالطبع‭ ‬قوبلت‭ ‬الخطوة‭ ‬بالترحيب‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬بوصفها‭ ‬تجسد‭ ‬مطالب‭ ‬وطنية‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية،‭ ‬وكنا‭ ‬نتمنى‭ ‬لو‭ ‬أنّ‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬تتخذ‭ ‬خطوة‭ ‬مماثلة‭ ‬بإعداد‭ ‬قائمة‭ ‬بوظائف‭ ‬لإحلال‭ ‬الكفاءات‭ ‬الشابة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬يشغلها‭ ‬أجانب‭ ‬إلاّ‭ ‬أنّ‭ ‬الوزارة‭ ‬ولأسباب‭ ‬نجهلها‭ ‬لم‭ ‬تستجب‭ ‬للمقترح،‭ ‬ولا‭ ‬لغيره،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تستفحل‭ ‬أعداد‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭. ‬

القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬ونتيجة‭ ‬لغياب‭ ‬الرقابة‭ ‬فإنه‭ ‬يعلن‭ ‬بين‭ ‬آونة‭ ‬وأخرى‭ ‬عن‭ ‬وظائف‭ ‬ولكن‭ ‬المؤسف‭ ‬أنّ‭ ‬من‭ ‬يفوز‭ ‬بها‭ ‬هم‭ ‬الأجانب‭ ‬لسبب‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مجهولاً‭ ‬ويكمن‭ ‬في‭ ‬أنّ‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬شؤون‭ ‬التوظيف‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬أقسام‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬هم‭ ‬أجانب،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإنّ‭ ‬انحيازهم‭ ‬بات‭ ‬أمرا‭ ‬مكشوفاً‭ ‬ومستهجناً‭.‬

ويبقى‭ ‬القول‭ ‬كما‭ ‬صرح‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭ ‬وكيل‭ ‬العمل‭ ‬بأنه‭ ‬“لابد‭ ‬من‭ ‬تقليص‭ ‬الفجوة‭ ‬المتسعة‭ ‬بين‭ ‬العمالة‭ ‬الوطنية‭ ‬والأجنبية‭ ‬عبر‭ ‬تخصيص‭ ‬وظائف‭ ‬وقطاعات‭ ‬محددة‭ ‬للمواطنين”‭.‬