زبدة القول

الفتنة نائمة... لعن الله من أيقظها

| د. بثينة خليفة قاسم

تابعت‭ ‬بالأمس‭ ‬عدة‭ ‬مشاهد‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬الشقيقة،‭ ‬هذه‭ ‬المشاهد‭ ‬جاءت‭ ‬عشية‭ ‬الاحتفال‭ ‬بعيد‭ ‬ميلاد‭ ‬السيد‭ ‬المسيح،‭ ‬وهي‭ ‬مشاهد‭ ‬تبين‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬تقوم‭ ‬مصر‭ ‬الشقيقة‭ ‬بالكفاح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الطائفية‭ ‬والإرهاب‭ ‬اللعين،‭ ‬وتبين‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬الفتنة‭ ‬الطائفية‭ ‬ليست‭ ‬شيئا‭ ‬مولودا‭ ‬ومتأصلا‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية،‭ ‬لكنها‭ ‬أداة‭ ‬اختراق‭ ‬وهدم‭ ‬خارجية‭ ‬تستخدم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إضعاف‭ ‬الدولة‭ ‬وتركيعها‭ ‬وإيصالها‭ ‬إلى‭ ‬الفوضى‭ ‬التي‭ ‬يخططون‭ ‬لإدخالها‭ ‬فيها‭.‬

في‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭ ‬قام‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬بافتتاح‭ ‬أكبر‭ ‬مسجد‭ ‬وأكبر‭ ‬كاتدرائية‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬المصرية‭ ‬الجديدة،‭ ‬وبحضور‭ ‬ومباركة‭ ‬رمز‭ ‬إسلامي‭ ‬كبير،‭ ‬هو‭ ‬فضيلة‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب‭.‬

وفي‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭ ‬أيضا‭ ‬استشهد‭ ‬ضابط‭ ‬مصري‭ ‬مسلم‭ ‬وهو‭ ‬يقوم‭ ‬بإبطال‭ ‬مفعول‭ ‬عبوة‭ ‬ناسفة‭ ‬أريد‭ ‬بها‭ ‬تفجير‭ ‬كنيسة‭ ‬أثناء‭ ‬قيام‭ ‬المسيحيين‭ ‬بممارسة‭ ‬طقوس‭ ‬عبادتهم،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬الضابط‭ ‬قد‭ ‬أبلغ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إمام‭ ‬مسلم‭ ‬بوجود‭ ‬هذه‭ ‬القنبلة‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الكنيسة،‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬أريد‭ ‬نسفه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المسيحيين‭ ‬يؤدون‭ ‬صلاتهم،‭ ‬والذي‭ ‬أبلغ‭ ‬عن‭ ‬الجريمة‭ ‬إمام‭ ‬مسلم‭ ‬والذي‭ ‬استشهد‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬المصلين‭ ‬ضابط‭ ‬مسلم،‭ ‬فياله‭ ‬من‭ ‬مشهد‭ ‬درامي‭ ‬مؤثر‭.‬

إنه‭ ‬كفاح‭ ‬دولة،‭ ‬بل‭ ‬كفاح‭ ‬شعب‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الفتنة‭ ‬المصنوعة‭ ‬والتصدي‭ ‬للخونة‭ ‬المجرمين‭ ‬جماعات‭ ‬الإرهاب‭ ‬التي‭ ‬تديرها‭ ‬أجهزة‭ ‬استخبارات‭ ‬إقليمية‭ ‬وعالمية‭.‬

إنها‭ ‬رسالة‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬ورئيسها‭ ‬ومن‭ ‬أكبر‭ ‬سلطة‭ ‬إسلامية‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬إلى‭ ‬أرباب‭ ‬الإرهاب‭ ‬وصناع‭ ‬الفتن‭ ‬فحواها‭ ‬“نحن‭ ‬شعب‭ ‬واحد‭ ‬متماسكون‭ ‬وصامدون‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬الدين‭ ‬ولن‭ ‬تفلح‭ ‬مؤامراتكم‭ ‬في‭ ‬شق‭ ‬صفوفنا،‭ ‬فالمسجد‭ ‬والكنيسة‭ ‬متجاوران،‭ ‬فموتوا‭ ‬بغيظكم”‭.‬

لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬شديدة‭ ‬الوضوح‭ ‬وأزيلت‭ ‬الغشاوة‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬أعيننا‭ ‬وأصبحنا‭ ‬نسمي‭ ‬الأشياء‭ ‬بأسمائها‭ ‬ونعرف‭ ‬تماما‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يراد‭ ‬لدولنا‭ ‬بالضبط‭ .‬

أصبحنا‭ ‬نعرف‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬جلبه‭ ‬من‭ ‬خراب‭ ‬ليس‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وليس‭ ‬المحاولة‭ ‬الأولى‭ ‬والأخيرة‭ ‬لمن‭ ‬يريدون‭ ‬جر‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬إلى‭ ‬الفوضى،‭ ‬فالمحاولات‭ ‬ستستمر‭ ‬والإرهاب‭ ‬والطائفية‭ ‬وشق‭ ‬الصفوف‭ ‬والحرب‭ ‬النفسية‭ ‬وتجهيل‭ ‬الشباب‭ ‬وعمليات‭ ‬الاختراق‭ ‬بكل‭ ‬أشكالها‭ ‬ستستمر،‭ ‬فأعداء‭ ‬الأمة‭ ‬يراهنون‭ ‬على‭ ‬شق‭ ‬الصفوف‭ ‬واستخدام‭ ‬أحصنة‭ ‬طروادة‭ ‬ونحن‭ ‬نراهن‭ ‬على‭ ‬اللحمة‭ ‬الوطنية‭ ‬وعلى‭ ‬تماسكنا‭.‬