وَخْـزَةُ حُب

ربما تكون الضريبةُ... فرصة!

| د. زهرة حرم

يتفاءل‭ ‬الناس‭ - ‬غالبًا‭ - ‬مطلع‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬جديد،‭ ‬ويرسمون‭ ‬الخطط‭ ‬والبرامج‭ ‬التي‭ ‬تعينهم‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الأهداف؛‭ ‬قريبةً‭ ‬وبعيدة،‭ ‬وقد‭ ‬يجلسون‭ ‬فيما‭ ‬بينهم؛‭ ‬لمناقشة‭ ‬أو‭ ‬تقييم‭ ‬ما‭ ‬حققوه‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬المنصرم،‭ ‬وما‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬متابعة‭ ‬في‭ ‬قادم‭ ‬الأيام‭! ‬وبالطبع؛‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬الأهداف‭ ‬واضحة؛‭ ‬استطاع‭ ‬المرء‭ ‬ببساطةٍ‭ ‬قياسَها،‭ ‬والوقوف‭ ‬عندها‭ ‬وتحليلها،‭ ‬وتقديم‭ ‬أو‭ ‬تأخير‭ ‬بعضها‭ ‬على‭ ‬بعض؛‭ ‬بحيث‭ ‬يصل‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬مُرضية؛‭ ‬يستطيع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬رسم‭ ‬طريقِه‭ ‬للسنة‭ ‬الجديدة،‭ ‬بكامل‭ ‬بصره،‭ ‬وبصيرته،‭ ‬ومن‭ ‬ثم؛‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬خطى‭ ‬واضحة،‭ ‬بلا‭ ‬عثرات‭!‬

غير‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬البحرينيين‭ ‬افتتحوا‭ ‬هذا‭ ‬العام؛‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬التشاؤم؛‭ ‬الذي‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬الضريبة‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬إضافتها‭ ‬إلى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬السلع،‭ ‬ولم‭ ‬تُفلح‭ ‬محاولات‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬في‭ ‬شرح‭ ‬وتبرير‭ ‬مسببات‭ ‬فرض‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة؛‭ ‬في‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الإحساس،‭ ‬ولاسيما‭ ‬أن‭ ‬بعضهم‭ ‬تحوّل‭ ‬إلى‭ ‬اختصاصي‭ ‬إدارة‭ ‬النفقات؛‭ ‬إذْ‭ ‬أخذ‭ ‬دور‭ ‬الناصح‭ ‬الذي‭ ‬يُوجّه‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الأساسيات،‭ ‬وترك‭ ‬الكماليات،‭ ‬وترشيد‭ ‬المصروفات؛‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬مُبطّنة‭ ‬وخفية‭ ‬للشعب؛‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬مصروفاتك‭ ‬السابقة‭ ‬زائدة‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬الطبيعي،‭ ‬وأنه‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لتعديلها،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة‭ ‬فرصة‭ ‬سانحة‭ ‬للتغيير‭.‬

وخارج‭ ‬نطاق‭ ‬صحة‭ ‬الكلام‭ ‬من‭ ‬عدمه؛‭ ‬فإن‭ ‬الضريبة‭ ‬أصبحت‭ ‬واقعًا،‭ ‬استهللنا‭ ‬به‭ ‬هذا‭ ‬العام‭! ‬فكيف‭ ‬سنجمع‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬درس‭ ‬العام‭ ‬الجديد؟‭! ‬لعل‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬أراه‭ ‬درسًا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الأهداف‭ ‬لا‭ ‬تخرج‭ ‬بالضرورة‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منا؛‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬دوافعه‭ ‬الشخصية‭ ‬الخاصة؛‭ ‬فالمجتمع‭ ‬أو‭ ‬الأسرة‭ ‬أو‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬الطبيعة‭ ‬–‭ ‬ربما‭ ‬–‭ ‬تضطرك‭ ‬إلى‭ ‬رسم‭ ‬أهداف‭ ‬معينة؛‭ ‬فكلنا‭ - ‬اليوم‭ - ‬لديه‭ ‬هدف‭ ‬مهم‭ ‬جدًا‭ ‬هو‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الأولويات‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمصروفات؛‭ ‬أليس‭ ‬كذلك؟‭ ‬إننا‭ ‬–‭ ‬شئنا‭ ‬أم‭ ‬أبينا‭ ‬–‭ ‬سنتعلم‭ ‬درسًا‭ ‬ما‭ ‬كنّا‭ ‬لنتعلمه‭ ‬في‭ ‬الأوقات‭ ‬العادية،‭ ‬أو‭ ‬ساعات‭ ‬البحبوحة‭ ‬أو‭ ‬أيام‭ ‬الرخاء‭! ‬

هل‭ ‬ستكون‭ ‬الضريبة‭ ‬المضافة‭ ‬طريقنا‭ ‬نحو‭ ‬التغيير‭ ‬بالفعل؟‭! ‬فكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يتغير‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسه،‭ ‬بل‭ ‬يحتاج‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬دافع‭ ‬أو‭ ‬محرك‭ ‬خارجي‭! ‬هل‭ ‬ستدفعنا‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة‭ ‬لإعادة‭ ‬التفكير،‭ ‬وإعادة‭ ‬التخطيط،‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬نحافظ‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬توازننا‭ ‬النفسي‭ ‬قبل‭ ‬الماديّ،‭ ‬أم‭ ‬سنجلس‭ ‬على‭ ‬عتبات‭ ‬أبوابنا‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬إرادة‭ ‬تُعفينا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الضريبة،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬لنتباكى‭ ‬على‭ ‬الوضع؛‭ ‬دون‭ ‬تحريك‭ ‬ساكن‭!‬

الكثير‭ ‬منا‭ ‬يبدأ‭ ‬عامه‭ ‬الجديد؛‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الحماس‭ ‬عن‭ ‬أهدافه،‭ ‬وكيفية‭ ‬تنفيذها؛‭ ‬وما‭ ‬إنْ‭ ‬تمضي‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة؛‭ ‬حتى‭ ‬يتناساها،‭ ‬فإذا‭ ‬قارب‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬الانتهاء؛‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يتغير‭ ‬مطلع‭ ‬السنة‭ ‬التي‭ ‬تليها،‭ ‬وتستمر‭ ‬الحكاية،‭ ‬فهل‭ ‬ستكون‭ ‬الضريبة‭ ‬المضافة‭ ‬فرصتنا‭ ‬الإجبارية‭ ‬–‭ ‬نحن‭ ‬البحرينيون‭ - ‬على‭ ‬التغيير‭ ‬الإيجابي؟‭.‬

أخذ‭ ‬بعض‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬دور‭ ‬الناصح‭ ‬الذي‭ ‬يُوجّه‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الأساسيات،‭ ‬وترك‭ ‬الكماليات،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬مُبطّنة‭ ‬للشعب‭ ‬بأن‭ ‬مصروفاتك‭ ‬السابقة‭ ‬زائدة‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬الطبيعي‭!.‬