الجريمة الإلكترونية ضد الاقتصاد

| د. عبدالقادر ورسمه

مع‭ ‬تطور‭ ‬التقنية،‭ ‬ظهر‭ ‬نوع‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الصيد‭ ‬الالكتروني‭ ‬“فيشنق”،‭ ‬وسمي‭ ‬“التصيد”‭ ‬لأنه‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬الصيد‭. ‬والهدف‭ ‬ليس‭ ‬صيدا‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬البحار،‭ ‬وإنما‭ ‬“تصيد”‭ ‬البشر‭ ‬وممتلكاتهم‭ ‬وأموالهم‭ ‬وحساباتهم‭. ‬“الفيشنق”‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬الالكترونية‭ ‬المهددة‭ ‬للاقتصاد‭. ‬لأن‭ ‬المجرم‭ ‬الالكتروني‭ ‬يتطفل‭ ‬ويرسل‭ ‬الرسائل‭ ‬والملفات‭ ‬بالأجهزة‭ ‬الذكية‭ ‬من‭ ‬إذن‭. ‬وهذا‭ ‬المجرم‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬التصيد‭ ‬بإرسال‭ ‬الرسائل‭ ‬لآلاف‭ ‬العناوين‭ ‬الالكترونية،‭ ‬ولعل‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرد‭ ‬عليه،‭ ‬ليقع‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬“الشبكة”‭ ‬ويكون‭ ‬فريسة‭.‬

من‭ ‬يقوم‭ ‬بالتصيد،‭ ‬يرسل‭ ‬قصصا‭ ‬تستجدي‭ ‬العواطف‭ ‬بقصد‭ ‬ايقاع‭ ‬الفريسة‭ ‬ويطلب‭ ‬ارسال‭ ‬رقم‭ ‬الحساب‭ ‬أو‭ ‬البطاقة‭ ‬أو‭ ‬تفاصيل‭ ‬الأعمال‭ ‬وغيرها‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الرسالة‭ ‬غريبة،‭ ‬شكلا‭ ‬ومضمونا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يقع‭ ‬ضحية‭ ‬طمعا‭ ‬في‭ ‬المال‭ ‬أو‭ ‬غيره‭. ‬هناك‭ ‬حسابات‭ ‬مصرفية‭ ‬تم‭ ‬انتهاكها،‭ ‬وهناك‭ ‬أسرار‭ ‬تجارية‭ ‬تم‭ ‬كشفها‭ ‬وهناك‭ ‬صفقات‭ ‬وأعمال‭ ‬اختفت‭ ‬في‭ ‬الأثير‭ ‬بعد‭ ‬استلام‭ ‬الأموال‭ ‬المقدمة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬هناك‭ ‬خسائر‭ ‬مالية‭ ‬وتجارية‭ ‬واقتصادية‭ ‬بيرة‭ ‬ومؤلمة‭ ‬لتضرر‭ ‬قطاعات‭.‬

قوانين‭ ‬الجرائم‭ ‬الالكترونية،‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬تتضمن‭ ‬أحكاما‭ ‬واضحة‭ ‬لتجريم‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬الخبيثة‭ ‬المنتشرة‭ ‬جراء‭ ‬الوسائل‭ ‬الالكترونية‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬الرادعة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم،‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬وتشكل‭ ‬هاجسا‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يسخر‭ ‬وقته‭ ‬وفكره‭ ‬التقني‭ ‬المتطور‭ ‬للسرقة‭ ‬والاحتيال‭.‬

إن‭ ‬وجود‭ ‬القوانين‭ ‬الرادعة‭ ‬وحدها‭ ‬لا‭ ‬تكفي،‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬واعيا‭ ‬وحاميا‭ ‬لنفسه‭ ‬ومجتمعه‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬لهذه‭ ‬الفئة‭ ‬بالتغول‭ ‬وانتهاك‭ ‬الحرمات‭. ‬وباستطاعة‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬محاربة‭ ‬التصيد‭ ‬الالكتروني‭ ‬وذلك‭ ‬بعدم‭ ‬التجاوب‭ ‬معه‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال،‭ ‬وبالعكس‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬تشجيع‭ ‬التصيد‭ ‬إذا‭ ‬تجاوب‭ ‬معه‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬أهمية‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬نفسه‭ ‬ومجتمعه،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬يسبق‭ ‬القانون،‭ ‬وعبره‭ ‬تكون‭ ‬محاربة‭ ‬الجرائم‭ ‬التقنية‭ ‬بكل‭ ‬فعالية‭ ‬ومصداقية‭.‬