صورة من الأرشيف...

| أحمد البحر

قالت‭: ‬جميل‭ ‬أن‭ ‬نصل،‭ ‬والأجمل‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬ونعترف‭ ‬كيف‭ ‬وصلنا‭! ‬قال‭: ‬وما‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬العبارات‭ ‬سيدتي‭ ‬الفاضلة؟‭ ‬قالت‭: ‬ما‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬المشين‭ ‬والظالم‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‭ ‬بحق‭ ‬هذا‭ ‬الموظف؟‭ ‬قال‭: ‬تقصدين‭ ‬إقالة‭ ‬الأستاذ‭... ‬من‭ ‬المؤسسة‭!‬

قالت‭: ‬هو‭ ‬أستاذك‭. ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬دربك‭ ‬وأعطاك‭ ‬من‭ ‬خبرته‭ ‬في‭ ‬الإدارة،‭ ‬وكنت‭ ‬أحد‭ ‬مرؤوسيه‭!‬

قال‭: ‬الآن‭ ‬أنا‭ ‬رئيسه،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬أنا‭ ‬رئيس‭ ‬المؤسسة‭ ‬وصاحب‭ ‬القرار‭ ‬فيها‭!‬

قالت‭: ‬ولم‭ ‬اخترته‭ ‬هو‭ ‬بالذات‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬الكفاءات‭!‬

قال‭: ‬لأتخلص‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الشعور‭ ‬بالضيق‭ ‬الذي‭ ‬ينتابني‭ ‬كلما‭ ‬ألتقيه‭!‬

قالت‭: ‬ألم‭ ‬تكن‭ ‬معجبا‭ ‬بأسلوبه‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬وبخبراته‭ ‬الواسعة‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬تعمل‭ ‬تحت‭ ‬إمرته‭!‬

قال‭: ‬إنه‭ ‬الشعور‭ ‬الذي‭ ‬يتملكني‭ ‬بأني‭ ‬مدين‭ ‬له‭. ‬لا‭ ‬أكاد‭ ‬أتحمل‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭!‬

قالت‭: ‬أين‭ ‬الوفاء‭ ‬يا‭ ‬رجل؟‭ ‬هو‭ ‬لم‭ ‬يسئ‭ ‬إليك،‭ ‬أهذا‭ ‬هو‭ ‬جزاء‭ ‬من‭ ‬يخلص‭ ‬في‭ ‬عمله،‭ ‬ثم‭ ‬هو‭ ‬صاحب‭ ‬فضل‭ ‬عليك‭.‬

قال‭: ‬لقد‭ ‬ذكرتِ‭ ‬أنتِ‭ ‬السبب‭ ‬سيدتي،‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أسمع‭ ‬هذه‭ ‬العبارات‭ ‬من‭ ‬أحد،‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أمحوها‭ ‬من‭ ‬ذاكرة‭ ‬الجميع‭!‬

قالت‭: ‬تمحو‭ ‬ماذا؟‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬بعارٍ‭ ‬أو‭ ‬شيء‭ ‬معيب‭. ‬هناك‭ ‬الكثيرون‭ ‬ممن‭ ‬تعلموا‭ ‬من‭ ‬رؤسائهم‭ ‬وارتقوا‭ ‬وهم‭ ‬يفخرون‭ ‬ويعتزون‭ ‬بهذا‭.‬

قال‭: ‬أنا‭ ‬أختلف‭ ‬عنهم‭! ‬أنا‭ ‬أخجل‭ ‬من‭ ‬الالتقاء‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬المناسبات،‭ ‬أحس‭ ‬بذلك‭ ‬الهمس‭ ‬بين‭ ‬الحضور،‭ ‬بالأمس‭ ‬كان‭ ‬مرؤوسه‭ ‬واليوم‭ ‬هو‭ ‬رئيسه‭!‬

قالت‭: ‬هذا‭ ‬أحساس‭ ‬جميل،‭ ‬إلا‭ ‬أذا‭ ‬كنت‭ ‬تشعر‭ ‬بأن‭ ‬وصولك‭ ‬إلى‭ ‬منصبك‭ ‬الحالي‭ ‬كان‭ ‬صدفه‭! ‬وأنت‭ ‬تعرف‭ ‬ما‭ ‬أقصده‭! ‬قال‭: ‬قولي‭ ‬ماشئتِ‭ ‬سيدتي،‭ ‬ولكني‭ ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬احتمل‭ ‬سماع‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬نجاحي‭. ‬أنا‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭!‬

قالت‭: ‬ولكنها‭ ‬الحقيقة‭! ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تفخر‭ ‬بهذا‭. ‬والشخص‭ ‬الذي‭ ‬تتحدث‭ ‬عنه‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬الإداريين‭ ‬البارزين‭ ‬والمشهود‭ ‬لهم‭ ‬بالمهنية‭.‬

قال‭: ‬أتفق‭ ‬معك،‭ ‬ولهذا‭ ‬تخلصت‭ ‬منه،‭ ‬فوجوده‭ ‬يسبب‭ ‬لي‭ ‬قلقا‭ ‬دائما‭!‬

قالت‭: ‬ألا‭ ‬تخاف‭! ‬فلربما‭ ‬تواجه‭ ‬ذات‭ ‬المصير،‭ ‬فكما‭ ‬تدين‭ ‬تدان،‭ ‬والدنيا‭ ‬دوارة‭ ‬يا‭ ‬سيدي‭.‬