360 درجة

معارك سيبرانية والكل خاسر

| أيمن همام

من المفارقات المثيرة للتأمل أن تلقى كل النعرات العنصرية والطائفية تفاعلا هائلا من جانب مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، رغم أنها تمثل التطور الطبيعي للإعلام الحديث، وجل مستخدميها من جيل الألفية وما بعدها.

أي متابع محايد لما يدور عبر تلك المنصات الحديثة يدرك أن التطور العلمي والتكنولوجي يسير في اتجاه معاكس 180 درجة للتطور الفكري والأخلاقي، فيبدو أن البشر بدلا من أن يسخّروا المعرفة لبلوغ المستقبل آثروا أن يستخدموها وسيلة للعودة بالزمن إلى العصور المظلمة وما قبلها.

لا أحد ينكر وجود العنصرية والطائفية في نفوس كثيرين، وليس من المستغرب أن يتأثر بفتنهما سياسيون وبرلمانيون ومفكرون ويتفاعلون مع الرسائل المثيرة لهما عبر التواصل الاجتماعي، فهذه الآفة الخبيثة قد لا يسلم منها إلا من رحم ربي، ولا ننسى كيف تخلى الجنرال الجمهوري كولن باول عن صديق عمره وزعيم حزبه السيناتور ماكين في انتخابات الرئاسة الأميركية 2008، على الرغم من كل ما يجمعهما من قيم ومبادئ، معلنا دعمه لأوباما، الذي لا يربطه به أي قاسم مشترك سوى لون البشرة!

رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حذر في مناسبات عدة من محاولات استخدام أعداء الأمة وسائل التواصل الاجتماعي لبث الفرقة بين أبناء المجتمع الواحد، من منطلق “فرق تسد”. ولا توجد وسيلة أقوى تأثيرا من العنصرية أو الطائفية يمكن  أن يستغلها المتربصون بأوطاننا، فهؤلاء لا يتركون حادثا فرديا ولا حدثا رياضيا إلا وحولوه إلى معركة سيبرانية بين شعوبنا الكل فيها خاسر.

اتساع رقعة هذه المعارك يطرح تساؤلات مشروعة بشأن مسؤولية منصات التواصل في منع الخطاب الذي يحض على الكراهية، ودور المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي أو من يطلق عليهم “إنفلونسرز”.