في “الدخول” الإيراني (2)

| علي نون

في خروجها عن صمتها وانكفائها لم تتوقف الإدارة الإيرانية عند تلك المفارقة لا من قريب ولا من بعيد... بل خرجت على لسان الرئيس حسن روحاني بردّ مؤدلج من موقعها “الأصلي”، على فشل محاولة الاستثمار السياسي في القضية المفتوحة راهناً: عادت إلى النقر على الوتر المذهبي الذي رنّ غداة أحداث 11 أيلول الأميركية من خلال إرجاع الجريمة إلى جذر “الفكر نفسه الذي أنشأ تنظيم داعش في المنطقة”، بعد أن تبخّر العنوان السابق الذي هو “القاعدة”! وعادت إلى التكتيك المخزي ذاته في إطار استراتيجية تقسيم الإسلام والمسلمين إلى خانتَين، وكونها هي بطبيعة الحال صاحبة الريادة في “الخانة الجيّدة” القادرة على “فهم” العالم و”التعايش” معه على العكس من الطرف الآخر المركون في “الخانة السيئة” الذي يفرّخ “الإرهاب” والعدم والعبث والغربة عن عالم اليوم!

وفي العودة إلى هذه السردية ما يكفي لتبيان مدى عبثية الأداء الإيراني! والمدى الذي يمكن أن يصل إليه أصحابه لتبرير أنويتهم المذهبية والقومية والسياسية بحيث أن عقدين من الزمن “المكثف” أنتجا ما يمكن وصفه بموضوعية تامة، أسوأ ما حصل للإسلام والمسلمين عموماً في كل تاريخهما، لكن إيران (الجمهورية الإسلامية!) لم تَرَ شيئاً من ذلك! ولم “تنتبه” إلى أن العالم شرقاً وغرباً لم يجارِها في ترف التقسيم المذهبي والفقهي بل أخذ الكلّ بجريرة العنوان الجامع أصلاً وفصلاً ونصاً وممارسة!

لم يتوقف الشيخ الرئيس روحاني عن الحقيقة القائلة إن “الفكر” الذي يدينه مجدداً، لم يكن هو الذي أوصل إيران إلى ما وصلت إليه هذه الأيام! ولم يكن هو الذي جعل منها دولة “محاصرة ومنبوذة ومتّهمة بأبوّة الإرهاب وإنتاجه ورعايته وتعميمه”! ولم يكن هو “الفكر” المسؤول عن وصول نظام الجمهورية التي يرأسها إلى نقطة العجز عن تقديم أي جواب معقول على أزمات المال والاقتصاد والاجتماع والتنمية والحريات العامة في الداخل الإيراني!

لم يتوقف عند شيء من ذلك كله، بل عاد إلى الاستثمار في أداء ثبت أن مردوده كارثي على إيران قبل غيرها وأكثر من غيرها، وعلى الإسلام نصّاً وقيماً وفرعاً وجمعاً... وإذا لم تكن هذه هي النكبة، فكيف لها أن تكون؟!!. “المستقبل”.

 

   “عادت إيران إلى النقر على الوتر المذهبي الذي رنّ غداة أحداث 11 أيلول الأميركية من خلال إرجاع الجريمة إلى جذر “الفكر نفسه الذي أنشأ تنظيم داعش في المنطقة”، بعد أن تبخّر العنوان السابق الذي هو “القاعدة”! وعادت إلى التكتيك المخزي ذاته في إطار استراتيجية تقسيم الإسلام والمسلمين!”.