360 درجة

اغتصاب متكرر

| أيمن همام

ليس من السهل على أي كاتب عربي أن يقدم طرحا جديدا أو مختلفا في موضوع القضية الفلسطينية بعد أن أفنى كتاب كبار حياتهم على مدى 7 عقود وهم يتناولون الشأن الفلسطيني، وجفت أقلام لا حصر لها في كتابة مقالات لو جمعت في مجلدات لاحتاج القائمون على مكتبة الكونغرس إنشاء بناية رابعة لاحتوائها.

ورغم كون الحل مستعصيا فإن جهود هؤلاء الكتاب لم تذهب سدى، إذ استطاعوا بأقلامهم أن ينحتوا هذه القضية المحورية في وجدان أجيال من أبناء الأمتين الإسلامية والعربية فشكلوا ضميرا جمعيا رافضا للتطبيع مع الكيان الصهيوني تتشارك فيه شعوب العالم العربي من الخليج إلى المحيط.

في الأيام القليلة الماضية تناثرت أخبار تفيد بوجود نشاط صهيوني غير معتاد في عواصم عربية، وبالطبع قابل الشباب العربي تلك الأخبار بالاستهجان والرفض، وخبت كل الأصوات المؤيدة لهذا النشاط الخبيث أو المدافعة عنه تماما أمام زئير الغضب الجامح الذي عبر عنه أبناء هذه الأمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ما يزيد الطين بلة أن ارتفاع وتيرة التحركات الإسرائيلية في العواصم العربية يتزامن مع رفع الاحتلال الاستيطاني وتيرة عنصريته المقيتة وجرائمه البشعة في حق الشعب الفلسطيني، مستخفا بكل محاولة جادة للوصول إلى سلام عادل وشامل.

إن كان الهدف من هذه الاستفزازات هي كثرة الدق على لحام رفض التطبيع لتفكيكه، والتسلل شيئا فشيء إلى الضمير الجمعي للوطن العربي بغرض إعادة تشكيله أو تهيئة أجيال جديدة متقبلة للفكرة، فإن مصير هذا المسعى الفشل والسقوط، مثلما فشلت فكرة تزويج المغتصبة من مغتصبها وسقط التشريع الذي يبرئ المجرم في العديد من البلدان العربية، حيث وصفه حقوقيون بأنه اغتصاب متكرر.