زبدة القول

الرئيس الشعبوي

| د. بثينة خليفة قاسم

ما نعرفه أن رجال الدولة عموما والرؤساء يتحدثون بمسؤولية عن كل الأمور ولا يتعجلون في إطلاق الأحكام دون دليل، وعندما يطلق أحد المسؤولين أو أحد الوزراء تصريحا غير موفق أو يستخدم لغة غير مناسبة ينظر العالم إلى رأس الدولة ليرى ماذا يقول وكيف سيصحح ما قاله وزيره على اعتبار أن الرئيس هو صاحب الكلمة الأخيرة حول هذه القضية أو تلك.

وفي بعض الأحيان يعطي المسؤولون الإشارة لوسائل الإعلام لكي تعربد في دولة من الدول أو مسؤول معين في دولة من الدول، ويصمتون هم حتى لا يحملون أنفسهم ودولهم ثمن مواقف أو تصريحات غير مناسبة، وفي الوقت نفسه يتعللون بحرية الإعلام في بلادهم وأنهم لا سلطان لهم على ما يقوله الإعلام.

هذه الأساليب معروفة في مجال تنافس أو صراع الدول مع بعضها البعض على مستوى العالم، لكن الذي ليس معروفا أن يكون الرئيس أول المتحدثين وأعلاهم صوتا وأكثرهم ضجيجا دون تفكير في كونه الرجل الأول في الدولة وأن كلامه وتصريحاته لن تقبل التصحيح، فلا يراعي أية درجة من درجات البروتوكول في تصريحاته حول دولة كبرى لها رمزيتها واعتبارها في العالم العربي والإسلامي، أي المملكة العربية السعودية، ويتصرف بشكل بعيد عن أصول العلاقات بين الدول، فمن اللحظة الأولى التي قيل فيها إن الصحافي السعودي جمال خاشقجي اختفى، أطلق اتهاماته وتهديداته بشكل فج ولم ينتظر ظهور أية أدلة حول مسألة الاختفاء المزعومة!

لماذا السعودية من اللحظة الأولى؟ ولماذا عدم الصبر حتى يأتي الدليل؟ ولماذا لم يفكر في طرف آخر يريد أن يصطاد في الماء العكر؟

يبدو أنه اطمأن عندما سارت معه في نفس الاتجاه وسائل إعلام أميركية معينة وسارعت لنشر سيناريوهات معينة عن اختفاء خاشقجي، وعندما سمع من قبل ذلك تصريحات ترامب التي أراد من خلالها ابتزاز السعودية، قرر ضرب عصافير كثيرة بحجر واحد، فهو يدعم موقف ترامب من ناحية ويستعيد دفء علاقاته مع أميركا، وفي نفس الوقت يسدد ثمن العطايا القطرية.