“المرور... بح صوتنا”!

| زهير توفيقي

نعم لقد بح صوتنا ونحن نناشد المسؤولين في الإدارة العامة للمرور تطبيق القانون على المخالفين من قادة المركبات، وقد تعب كتّاب الأعمدة، ومنهم كاتب هذا المقال، من طرح هذا الأمر، كما تكررت الشكوى من المواطنين والوافدين من إثارة هذا الموضوع من خلال تواصلهم المستمر مع الصحف المحليّة عبر بريد القراء أو الإذاعة أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

لا شك في أن الإدارة العامة للمرور تبذل كل الجهود الممكنة والمتاحة لمعالجة الأمر، وذلك من خلال قيامها بنشر رجال المرور في مختلف شوارع وطرق المملكة لضمان التأكد من التزام السواق بالنظام، كما يقوم هؤلاء الرجال المخلصون بتقديم كُل المساعدة المطلوبة في حال وقوع حوادث مروريّة، إلا أنني لاحظت أن جميع هذه الجهود في واقع الأمر إجراءات غير مستدامة، بمعنى أنها موسميّة فقط، وهذه الملاحظّة لم تأتِ من فراغ أو مجرد وجهة نظر، فقد قمت شخصياً بمتابعة هذا الأمر منذ فترة في الكثير من الشوارع، ولاحظت أن الكثير من قادة المركبات لا يلتزمون بقواعد المرور بل يرتكبون مخالفات جسيمة، وذلك نتيجة عدم تواجد أيّ من رجال المرور في العديد من الشوارع.

ومع ذلك، أعيد التأكيد هنا على أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق رجال المرور، بل هي متعلقة كذلك بالسوّاق وثقافتهم التي تنعكس بالتأكيد على سلوكياتهم، فقد قيل قديماً “السياقة فن وذوق وأخلاق”، غير أنه للأسف الشديد ونتيجة وجود هذه الأعداد المتزايدة من السيارات إضافة إلى الزيادة الكبيرة في عدد السكان من مواطنين ووافدين، وقصور قدرة البنى التحتية استيعاب مثل هذه الزيادة المضطردة في المركبات، إلى جانب غياب الوعي واللامبالاة من قبل السواق، فإن كل ذلك قاد بالتأكيد إلى ارتكاب الكثير من المخالفات.  إن كان هناك انتشار أكبر لرجال المرور الذين لا يتوانون في التطبيق الصارم للقانون، فإن ذلك سيؤدي للحدّ من المخالفات، وقد لاحظت في الكثير من المرات وخصوصا عند ذهابي إلى عملي كل يوم، وتحديداً عند الإشارة الضوئية المؤدية إلى مقر العمل، أن عدداً كبيراً من السواق يخالفون القانون مخالفة صريحة عند تلك الإشارة على الرغم من وجود رجل المرور المسؤول عن تلك الإشارة والذي للأسف لا يحرك ساكناً! وقد نوّهت لرجل المرور ذات مرة وأنا في السيارة، إلا أن المفاجأة كانت في ردّه حيث أجابني “وماذا يمكنني أن أفعل؟”، تصوروا أن تلك التجاوزات تحدث بشكل يومي أمام أعين رجل المرور ولا يمكن لأحد عمل شيء، وفي ذلك خطورة كبيرة على جميع مستخدمي الطريق.

عندما نكتب عن هذه التجاوزات، فإن ذلك من باب حرصنا على سلامة مستخدمي الطرق، وليس لتوجيه انتقادات لإدارة المرور، هو نقد بنّاء لمصلحة مملكتنا الغالية.

كانت البحرين، وإلى عهدٍ قريب جداً، مضرب المثل لرقي القيادة، والالتزام بقوانين المرور، والاحترام الذي يُظهره قائدو المركبات في تطبيق القوانين المرورية، إلا أنه ومع الأسف الشديد أقولها بكل حسرة، لم تعد البحرين كذلك، وهذا موضوع يحتاج إلى الكثير من البحث والعمل ودراسة الأسباب ومعالجة مواطن التقصير، وما يجب إدراكه هنا هو أننا جميعاً مسؤولون عن الحفاظ على تلك المكتسبات واستعادة السمعة الناصعة.

شخصياً أتحمس كثيراً للسياقة خارج بلدي، وبالذات في أوروبا وأميركا والدول المتقدمة بشكل عام، وذلك لسبب واحد فقط هو وجود النظام والالتزام بالقوانين رغم الأعداد الكبيرة والهائلة من المركبات والشاحنات التي لا تعيق سلاسة الحركة المرورية وانسيابها في تلك الدول. دعواتنا بالسلامة للجميع.