قهوة الصباح

فخرو والقفز من السفينة الغارقة (1)

| سيد ضياء الموسوي

بعد طول صمت وحيرة، جاءت تصريحات رئيس مجلس إدارة أملاك - الذراع الاستثماري لهيئة التأمين الاجتماعي - عبدالرحمن فخرو مخيبة للآمال، ومدعاة للشفقة والحزن على ما وصلت إليه الهيئة.

فأين كان فخرو طيلة هذه الأسابيع من عمر الزلزال المدوي لقضية التأمينات؟ البعض قال ربما كان منشغلا في حلب الاستثمارات لصالح المتقاعدين أو كان ساهرا على مناقصة مهمة خوفا من أن تضيع من الصندوق التقاعدي، فيخسر الناس أموالهم، آخر قال: لعله كان منشغلا بممارسة الضغوط على “اللجنة المشتركة” لئلا تقدم على إعطاء مجلس الإدارة أي صلاحيات إضافية، بعض آخر قال: لعله منشغل في مفاوضات كبرى لاسترداد الملايين التي شطبت أو تبخرت أو ضاعت سواء من بنك آركبيتا أو غيرها من أمثلة، عجزنا وعجز الشارع من مطالبة المجلس من الإجابة عليها لكنه لم يجب.

بعض قال: لعل فخرو طيلة صمته كان منشغلا في تنظيف الهيئة من كل ما علق بها من تراكمات الفساد أو لعله في حرب معلنة مع مجلس الإدارة لفك إيجار المبني الجديد بسعر إيجاره الخيالي محاولا الرجوع للمبنى القديم؛ حفاظا على مصلحة وأموال المتقاعدين. كيف لا والأرباح كما يروج فخرو في مقابلته الأخيرة في ازدياد!

إننا أمام كوميديا سوداء مؤلمة. أسئلة كثيرة قدمت لمجلس الإدارة منذ 2002 إلى 2018 والإجابة للمجلس هو نحن نمتلك “فائض أرباح” مع استعراض “سلفستر استالوني” لمشاريع “المعجزة” و “الفلتة” التي يحسدها علينا كل مجلس إدارة لأي هيئة تأمين اجتماعي عربية أو عالمية من حجم “عبقرية الأرباح” و “أسطورة التنفيذيين” في البحرين، الذين ولعمق إدارتهم والقدرة الجبارة التي أصبحت مدعاة للحسد الأوروبي والعالمي من خيالية الأرباح السنوية، والتي بدورها انعكست على الصناديق التقاعدية للمواطن البحريني، والدليل عدم تغيير القانون، فالبحرينيون بفضل الأرباح الخيالية، والمشاريع الاستثمارية الناجحة التي صدع رؤوسنا بها الأستاذ فخرو وعن المستوى العالي لخبراء الهيئة، فإنه سوف يهدي بإذن الله كل بحريني، ليس قانونا مجحفا، بل من فائض أرباح صندوق التقاعد سيارة مرسيدس مع يخت إيطالي، وشقة في رفاع فيوز، وأسهم في مشروع بلندن، وإيجار مجاني في العقار المستأجر في الدوبلومات لكل متقاعد، هذا عدا عن راتب تقاعدي خيالي مجز.

حقيقة عندما قرأت رد الأستاذ عبدالرحمن فخرو في الصحيفة يوم أمس، أشفقت على طريقة الإجابة، واستعراض عضلات الأرباح، ونشوة الاستثمارات، واعتماد سياسة “كثّر الأرقام ونام سالم” متناسيا فخرو أن المجتمع البحريني أكثر ذكاء وذاكرة في معرفة تفاصيل التفاصيل عن كل سؤال تم طرحه.

فخرو الذي دائمًا ما يظهر في الصحافة منذ أمد ممثلا دور “بروسلي” في الدفاع “بكراتيه” الأرقام، وسرد حكايات ألف ليلة وليلة لـ “الأرباح الخيالية” لصناديق المتقاعدين لم يجب علينا هذه المرة بسؤال واحد: أين هي أرقامك لكل المشاريع؟ وأين ما خسرتم من أموال؟ وكيف ومتى ولماذا ومتى ترجع؟

لم تجبنا عن المقر “المعجزة” لم تم الانتقال واستئجاره بمبلغ “جينيست” للأرقام الخيالية، أي شركة قامت بتأثيث المكاتب؟ ما الهدف منه وكم السعر ولماذا ومن المستفيد وقصة دراما الأسهم؟ والإجابة التي ربما سقطت سهوا من فخرو، لماذا لم تجب بكم تم استئجار المقر الجديد؟ لماذا الخوف من الإجابة وكم كان المبلغ المدفوع لمدة 5 سنوات؟

أخي أستاذ فخرو، هل لك أن تخبرنا عن سر التاجر البحريني، عندما ينجح في مؤسساته الخاصة، ولماذا يفشل في الربح عندما يعين في مؤسسة تتعلق بالدولة أو أموال الناس ثم هم يدفعون ثمن الأخطاء؟

أخي فخرو، لماذا لم تجب عن أسئلتنا المتعلقة بالمكافآت من تنوع المجالس لبعض أعضاء مجلس الإدارة؟ ولماذا تعمدت عدم التطرق للرواتب التي ارتفعت بشكل جنوني لبعض مديري الهيئة، وبعض موظفيها عدا جنونية المكآفات والامتيازات التقاعدية لمن تقاعدوا أخيرا من الهيئة؟ ولماذا لم تتطرق إلى بقية الاتفاقات والمشاريع في أوروبا أو غيرها في البحرين من مصانع وأسواق وعمارات وأراض بيضاء وكيف تمت مناقصاتها وهل تتم بالكيفية التي ينص عليها القانون؟ وهل هناك رقابة حقيقية لئلا تكون هناك أي “عمولات” أو أساليب غير قانونية في ترسيتها؟

وهل لنا أن نسأل سؤالا: هل قمتم باسترجاع كل أموال خرجت من الصندوق وهل ستكون إجاباتك بوثائق؟ هل لفخرو وهو يعرض لنا الإنجازات “العبقرية”، ومعاجز استثمارات الهيئة التي تحسدنا عليها حتى السويد والدانمارك، هل سيجيب عن الجهاز الوظيفي، ونسخ من وثائق شهاداتهم الأكاديمية إن كان بعضها مصدقا من وزارة التربية أم لا، وكم عدد غير المعترف بها دون اللجوء إلى أسلوب التحايل على الأسئلة بإجابات مقتضبة ومنتقاة بالابتعاد وتجاهل الأسئلة، علما أن كل من في البحرين يعلم بمقولة الشيطان يكمن في التفاصيل.

أخي فخرو، هناك مقولة ينسبها البعض إلى آدم سميث أبو الاقتصاد يقول: الكذب ثلاثة، “أبيض وأسود وإحصاءات” وهذه سياسة تعتمد كثيرا في العالم الثالث، حيث يتم بهرجة الصحافة بأرقام ومصطلحات، ولأن بعض الناس غير متخصصين في الاقتصاد يضيعون في الإجابة، لكن أحب أن أهمس في أذن الأستاذ فخرو، أن ما طرحته من أرقام ومقابلات، تحت الدراسة والتنقيب والفحص ليوم معلوم للسائل والمحروم.

فأرقامك تثير الشفقة والردود مقبلة، من يسمعك تتحدث عن الأرباح والصناديق يظن أننا ربما نساهم في حل قضايا المجاعة في إفريقيا، وللأسف هيئة التأمين تحولت بفضل مجلس الإدارة إلى صناديق أشبه بجمعية خيرية في الإقراض والتوزيع والأولى تسميتها صناديق بابا نويل وهي أيضا للأسف دون رقابة صارمة.

أخي فخرو، أمنية الناس في عدم التدخل في صناديقها، ومنع توجيه الاستثمار، وأيضا محاسبة عمليات الشطب، والتبخر. أخي فخرو، أتمنى قراءة كتاب The Book on Rental Property Investing by Brandon Turner فهو يساعد في تحقيق الأهداف المالية المطلوبة من وراء الاستثمار العقاري، طبعا هناك كتب أكثر إفادة فهي تعلم أن ليس من الشطارة أن تخرج من دار تملكها، فتستأجر ملكا آخر بسعر جنوني وأنت تعاني من عجز بحجة “توفير بارك للمواطنين”.

10 ملايين دينار لو حسبناها في 5 سنوات كم عقار يمكن أن تشتري به الهيئة لصالح الناس بدلا من أن يضيع في دفع إيجار؟ هل هذه تحتاج إلى عبقرية؟

ختاما أخي الفاضل الأستاذ عبدالرحمن فخرو، عندي الكثير من الأسئلة والقضايا التي تتعلق بهيئة التأمين الاجتماعي، فهل لك أن تمنحني شرف الدخول إلى الهيئة للتنقيب أكثر؟ وعندي الكثير من الحقائق أتركها للمستقبل.

قريبا، أعلم أن هناك أعضاء في الهيئة عندهم تحفظات، فهل يقفزوا من سفينة المجلس الغارقة فيظهروا المستور؟