عبرة من إكرام اللئيم

| نجاة المضحكي

هل علمتنا التجارب؟ هل استوعبنا ما حدث؟ هل عرفنا العدو من الصديق؟ فما مر قد يحدث، ومن صفته اللؤم لا يشفى، ومن صفته الغدر لا يصفو، هذه قواعد ثابتة، خصوصا إذا كانت النوايا سيئة والمخططات موجودة ليست من الأمس بل قبل وقبل الأمس، فالتاريخ موجود والحوادث تتكرر، وما حدث كان متوقعا، ومازالت الأمور مستمرة، فاللئيم موجود، ومازال له قبول، ومازال يخطط وله مقام مرفوع، وقد يكون له مقام مسموع، وها هي المناظر والصور تثبت أن اللئيم متواجد في كل ساحة ومكان.

إن اللؤم متوارث، فالطيب ابن الطيب والخبيث ابن الخبيث، وإن كان للقاعدة شواذ، إلا أن النفوس التي تربت على الحقد واللؤم تظل تورث أبناءها وأحفادها الذكور والإناث، وهو ما لمسناه وعشناه، وشاهدناه في دول وما آلت إليه من دمار وخراب، وذلك بفعل شرار ظنتهم أبناءها، وأكرمتهم وقربتهم، فإذا بخناجرهم تنطلق إلى صدر الدولة، هذه الدولة التي جعلت منهم الوزير والسفير والمستشار والطبيب والمعلم والمهندس.

القلب يدمى والجروح تتجدد كل يوم عندما نشاهد صورا تؤلم الغيارى الأحرار على وطنهم، وتؤلم الكريم الذي لا يذكر ولا يهتم بأمره، فيما نرى اللئام الذين حملوا لواء الغدر وكانوا في أول صفوفه يكرمون بالتحية والاحترام، وأنتم يا من تفانيتم وضحيتم وصبرتم ليس لكم أي ذكر.