فجر جديد

جمهورية الطرائف والدم

| إبراهيم النهام

قبل أحداث 2011 المشؤومة، والتي أسقطت الكثير من أقنعة النفاق، كان لجمهورية الدم (إيران) نصيب من هذا السقوط، وبخاتمة متوقعة لممارسات مخضبة بالكذب، وبيع المواقف، والذمم، أوجزه كالتالي.

البداية الأولى، كانت مع المسرحية الهزلية التي قام بها قائد الثورة الإيرانية (الخميني) الذي وصم العام 1979 بقائد الثورة الإيرانية، حيث استقبل حينها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وسلمه مبنى السفارة الإسرائيلية، ليكون مقرا دائما للسفارة الفلسطينية.

وغمرت السعادة الراحل (أبو عمار) وبقية القيادات بالسلطة الفلسطينية، لكنها لم تدم طويلا، فمع انطلاق شرارة الحرب العراقية الإيرانية، بدأ النظام الإيراني بالتعامل المباشر مع الكيان الصهيوني للحصول على الذخيرة وقطع الغيار الخاصة بالقوات الجوية، بعد تعذر حصولها من أمريكا.

وامتدت سياسة النفاق هذه بشكل متسارع، وصل لدرجة التآمر مع الولايات المتحدة، وإسرائيل، لدعم سلطات “نيكارجوا” بالسلاح والذخيرة، قبالة مليشيات منظمة “السانديستا” الشيوعية، لتعرف بعدها بفضيحة “إيران، الكونترا جيت”.

وتخلل هذه المواقف، والتي تصدح -دائما- بخلاف ما يدعيه النظام الإيراني، تصريح المرشد والولي الفقيه (خامنئي) بأن إسرائيل لن تكون موجودة بعد 25 عاما، وأن إيران قادرة على تحويل مدن حيفا وتل أبيب إلى رماد، فما الذي جرى منذ حينها؟

وبشكل مفارق، وفي الأسابيع الأخيرة تحديدا، شنت إسرائيل هجمات عسكرية مكثفة على قواعد عسكرية وجوية إيرانية بالعمق السوري، أسقطت الكثير من العساكر الإيرانيين، منهم قادة برتب كبيرة، وأحدهم “جنرال”.

وكالعادة، انهمرت التصريحات الإيرانية على لسان القادة وصناع القرار السياسي، التي تزبد وترعد بقرب مسح إسرائيل، وتحويلها لكومة رماد، لكن إسرائيل وحتى اللحظة لم تتعرض لأي عقاب أو هجوم، أو موقف قدر يؤثر على وجودها.

بل إنها - وأعني إسرائيل- استمرت بمهاجمة الأهداف الإيرانية بسوريا، في حين اكتفى القادة الإيرانيون بوصم الهجمات بـ “الحمقاء”، وأن إسرائيل لن تفرض عليهم المعركة في الوقت الذي يناسبها، وأنهم -هم- من سيختارون موعد، ومكان المعركة التي يتوعدون بها منذ العام 1979.

تصريحات أو “طرائف” قادة النظام الإيراني، باتت اليوم مكشوفة على الملأ، موجزة تاريخا حافلا من الكذب، والادعاء، والنفاق، لساسة جمهورية الدم، والخراب، والموت، والتي لا تتخطى كونها مجرد تصريحات.

ولربما كان المشهد السوري، أفضل نموذج، يكشف الممارسات الحقيقية للنظام الإيراني بالمنطقة العربية، التي يسخر لأجلها ما يمكن؛ لإنجاح عمليات التمدد، والقتل، والتهجير، وبسط النفوذ.