رؤيا مغايرة

عيد... بدون ملاح

| فاتن حمزة

صحيح أن العيد فرح وسرور، وهذا أمر حث عليه الشرع، ولكن عندما تثقل الهموم تذهب اللذة، ويعجز المرء عن تصنّعها، فعندما ألتفت يميناً أو شمالاً أرى الغم دوني، فمن فقد الجدة رحمها الله التي كانت ملاذنا في العيد، إلى هموم تتجاوز جدران بيتنا الصغير، الكبير بما يحويه من بسمة وأمل.

بدأت إرهاصات التشاؤم تحيط بنا من انتكاسة إلى أخرى داخل حدود وطننا الرائع، بأية حال عدت يا عيد، وأنا أرى ذاك المواطن الذي كنت أراه بالأمس متفائلاً، أراه قلقاً على قوت يومه، ومعه قلق المستقبل، وكان هناك من يستخسر عليه يومه وغده.

بأية حال عدت يا عيد، وأنا أرى المواطن وأنا منهم، الكل خذله حتى ذاك الذي جاءنا يوماً ساعياً ذليلاً طالباً أصواتنا، بأية حال عدت يا عيد، وأنا أرى الهوة بدأت تتسع بين الأغنياء والفقراء منذرة بانتكاسة اجتماعية لا يعلم مآلها إلا الله عز وجل.

بأية حال عدت يا عيد، ونحن نرى بأم أعيننا جيلاً بدأ ينشأ وهو لا يبالي بقتل آخر بدم بارد من أجل حفنة دنانير كما ذكرت الصحف، حتى بتنا نخشى على أنفسنا وعيالنا! وهل هذه الحقائق وغيرها غائبة عنا أم أنها مغيّبة لمصالح فئة لا ترغب في التنازل عن لذة على حساب الآلاف.

بأية حال عدت يا عيد، ونحن نرى المترفين يرقصون على جراحاتنا وهم يرون سعينا لتأمين قوت يومنا... انتكاسة تلو الأخرى، أدخلتنا نفقا مظلما نهايته بلاء، وإذا نزل سوف يعم الجميع، للأسف لهذه الأسباب غابت لذة العيد.