ما وراء الحقيقة

سياسة بلا أخلاق (1)

| د. طارق آل شيخان الشمري

لا يوجد في قاموس اللعبة السياسية شيء اسمه مبادئ أو أخلاق إنسانية كالتي يعرفها المجتمع ويعيشها الإنسان المتحضر في حياته اليومية، بل توجد مصالح يعمل السياسيون على تحقيقها وفق ما تقتضيه الظروف والمصالح، فتارة يموت شعب وتنتهك كرامته كما يحدث مع الشعب الفلسطيني، ولا تتحرك واشنطن وباريس ولندن، لكن حينما يسجن مرتزق وعميل لها، فمبادئ حقوق الإنسان تتصدر أجندة هذه العواصم، وهناك ثلاثة أحداث سياسية صنعتها وكانت بطلتها السياسة التركية، تتعلق بمصالحها بالدرجة الأولى، وهذه الأحداث وبالرغم من أن أهميتها تكمن بشعور السياسة التركية بعظمة الشعب التركي الشقيق تحقيقا لمصالح السياسة التركية، إلا أنهم جريا على عادتهم سوقوا لبعض العرب الفاقدين للهوية العربية، بأن هذه الأحداث موجهة وجاءت انتصارا ودفاعا عن العرب بالدرجة الأولى واعتزازا بحضارتهم العربية الإسلامية، بل طبلوا لهذه الأحداث وأقاموا الدنيا فرحا وتزميرا أكثر من إخواننا الأتراك، مقابل توجيه الآلة الإعلامية التابعة لهم شتما للزعماء العرب والعروبة نفسها التي يحاربونها ليلا ونهارا متهمينها بخيانة القضية الفلسطينية، وهذه الأحداث هي: أولا منتدى دافوس... ففي هذا المنتدى اشتاط الرئيس أردوغان غضبا من بيريز وقام بنعته بقاتل الأطفال وغادر على إثر المنتدى لكي يبعث رسالة غضب لبيريز، لكنهم قاموا بتعظيم ذلك الحدث وتصويره إعلاميا بأنه انتصار إسلامي ضد إسرائيل! وأن ما قام به أردوغان يمثل هزيمة لإسرائيل من قبل تركيا لم يقم بها أي زعيم عربي، متناسين أن كل زعماء دول الخليج مثلا لم يقيموا حتى الآن علاقات مع إسرائيل ولم يجلس أي منهم مع بيريز، متعمدين أيضا عدم توجيه أي لوم لعلاقة تركيا مع إسرائيل لأن السياسة لا مبادئ ولا أخلاق ولا عدالة لها.