رؤيا مغايرة

مأساة سوريا... الغوطة أنموذجاً

| فاتن حمزة

أطلقت القوات النظامية السورية مدعومة بالطيران الحربي الروسي منذ 18 فبراير الجاري حملة قصف شديد على منطقة الغوطة الشرقية الملاصقة للعاصمة دمشق، والتي فقدت السيطرة عليها عام 2012 وتحاصرها منذ  2013. قصف خلف ما يزيد عن 500 قتيل من المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء، كما اكتظت مستشفيات الغوطة بالمصابين، وزاد صعوبة وضع السكان الإنساني، المتردي أصلا، ما حدا بأمين عام الأمم المتحدة إلى وصف الحياة في المنطقة “بالجحيم على الأرض”، فما سر الهجمة الشرسة الأخيرة للنظام السوري على الغوطة الشرقية؟

واهم ذلك الذي يظن أن هناك من يرغب في وقف الحرب في سوريا، وأحمق ذلك الذي يحلم أن يجد هناك من يريد ذلك. لا أتحدث عن أولئك الذين لا يمكلون من أمرهم شيئاً، إنما الذين يستطيعون ولكن لا يرغبون في ذلك، وهؤلاء مشاربهم شتى، بين طامع في التمدد الجغرافي كإيران التي نجحت إلى حد بعيد بسبب سياسة العمل على نار هادئة والبعد عن السياسات الانفعالية، ومنهم من يرى في سوريا ثقبا أسود يبتلع كل من فيه نزعة إلى التمرد أو الجهاد، ويرى أن إيقاف أو إنهاء الحرب هناك بمثابة إذن لهؤلاء بالعودة، ليزعزعوا بعودتهم أمن واستقرار بلدانهم، ومنهم من يرى أن سوريا تمثل مسرحا يجرب عليه أسلحته ويسوقها، ومنهم من يريد للآخر أن يتورط فيضعف، والرغبات كثيرة والقائمة تطول!!

بين كل ذلك، هناك أبرياء ترحل أرواحهم إلى الجنان لتشكو إلى قاضي السماء، والأصوات المخلصة ضاعت بين ركام هذا الكم الهائل من المؤامرات والدسائس والتخاذل.