وَخْـزَةُ حُب

توقفوا! أنتم تخنقوننا!

| د. زهرة حرم

كيف نتعامل مع “المتحرشين”، من الذين لا يشغلهم شيء في حياتهم سوى “التحرش” بالآخرين، بشكل أو بآخر!؟ كيف نتصرف مع “متحرش” تم حظره على صفحة “الوتس آب” و”الفيس بوك”، وعدد غفير من صفحات “السوشال ميديا”... ورغم ذلك يباغتك باتصال من رقم غريب، وبكل وقاحة، يقول: ها أنذا..  لماذا تم حظري؟!

كيف نقابل متحرشا مُثقفًا، يعلق على كل شاردة وواردة، وكل حرف من مقال، يعلق على العام والخاص، وكأن لا همّ له سوى ما تكتبه أنت أو ذاك؟ ماذا تفعل مع متحرش يُصر على الحصول على رقم هاتفك، لا لهدف سوى أنه معجب، ويرغب – فقط – في سماع صوتك العندليبي؟!

ما عساك تعمل مع متحرش يجمع صورك يوميًا (الموجودة أصلا على صفحتك)؛ ليرسلها لك على الخاص، وكأنها تأتيك من المريخ! ما هذا من أين لك هذا؟ وماذا وماذا وماذا؟ الأمثلة على المتحرشين لا تنتهي، ويصعب حصرها. ماذا حصل – للبعض - اليوم؟ وكأن لا عمل لديهم، وكأنهم يعيشون تبطلا مستمرا، وكأنهم لا يستوعبون أنه غير مرغوب في تحرشاتهم، والكارثة أن التحرش يأتي من الجنسين!

هل من حل سحري لهذه الظاهرة؟ هل نُغير أرقامنا؟ أم نلغي حساباتنا الاجتماعية؟ هل نرجع إلى هواتفنا المنزلية كالسابق؟ ماذا عن الاتصالات “بالغلط” والـ “المقصودة”؟ هل نحذف الاتصالات من حياتنا نهائيا؟ هذا ليس حلا. أليس كذلك؟

كيف نُعلّم المتحرش أن يشغل نفسه بنفسه، أن يبتعد ليدير شؤونه الخاصة، كيف نقنعه أنه يعاني مرضًا اسمه تعقب الآخرين؟ هل سنلقي عليه محاضرة في القيم والدين والأخلاق؟ أم سننصحه بزيارة طبيب نفسي! إن المصيبة أنه غير مستوعب أنه “متحرش”!

إن هؤلاء المتحرشين يخنقوننا، يُضيّقون علينا أنفاسنا، يسلبون منا الراحة والطمأنينة، يعكرون صفو مزاجنا، إنهم المعادل الحقيقي الذي يساوي السَجن الذي يحرمنا الشعور بالحرية والراحة والانطلاق!

الكثير منا يشعر بالانزعاج منهم، ولا شك لدي أن الجميع يعاني، وربما سئم وملّ، غير أنني متأكدة أن الكثيرين منكم عجزوا من شراذم المتحرشين، فهم كغثاء السيل، تحذف منهم واحدا، لتفاجأ بعشرة!

إن التحرش اليوم – للأسف الشديد – أصبح ظاهرة، لن نلوم أنفسنا أو نُقرّعها، أو نجلد ذواتنا لأنهم طفحوا لنا على السطح، على حين غرة من أنفسنا، ودون استئذان، أو طرق باب... لن نلوم أنفسنا لأننا فتحنا حسابات اجتماعية تدخلنا إلى هذا العالم الفسيح؛ لأن متحرشا من كل بقعة يقفز علينا، أو يطفر، أو يطفو، غير أننا جميعا نعيش الأذى النفسي، ليس لدي حل نهائي الآن... فهل لديكم؟ شاركوني الرأي!.