من جديد

ولدت من رحم... محامية

| د. سمر الأبيوكي

نعم لعبت شخصية أمي فارقا كبيرا في حياتي رسم لي الشعرة الرقيقة الفاصلة بين مساحات “الجد والشدة” و”اللين والرأفة”، هذه الشعرة التي أصبحنا نفتقدها في مساحات حياتنا وسط هموم رسم نجاحات خاصة تضاف إلى رصيدنا الشخصي أو هكذا شبه لنا! إن تحديات إثبات الذات وصراعات النجاح التي تدور حولنا للأسف تفقدنا لذة الوصول للأهداف، الفارق الوحيد يكمن في القيم المزروعة في أنفسنا والتي تلعب الأسرة ممثلة في الأم (في أغلب الأحيان) دور البطولة فيها . فقد علمتني أمي قيمة العمل الجاد وأهمية الوصول إلى الأهداف دون الإخلال بمنظومة القيم الأخلاقية، شجعتني على العمل كونه عبادة دون الالتفات إلى شهرة مطلقة أو عائد مادي، وفي أحلك الأيام التي شعرت فيها بالضغط وراودتني أفكار الانسحاب كانت تقف كالأسد تقرأ أفكاري السوداء وتحول بينها وبيني. أذكر منذ فترة كان اليأس قد تسلل إلى قلبي بعد أن عجزت وأنا أفكر حسابيا كيف سأسدد ما تبقى من رسوم لإكمال درجة الدكتوراه التي أعمل عليها حاليا ووسط زحام الأفكار سألتها إن كان لابد أن أكمل ما أنا عليه، ضحكت قائلة “كان رسول الله يطلق أسير الحرب من الكفار بعد أن يعلم عشرة من المسلمين ممن لا يجيدون القراءة والكتابة، لك مطلق الخيار”... و كعادتها أصابتني في مقتل ! أكدت لي أمي أن الوطن “أم” وأن من يعيشون على أرضه أهلي وأصحابي وأن خدمته واجب بلا جدال، فترجمت حبي لوطني في كل أعمالي، ذكرتني أن أحنو على الصغير وأحترم الكبير وألتمس العذر للآخرين، كما قرأت على مسامعي قصص نجاحات لصحابة وعلماء وفنانين، والأهم أنها ربطتني بإنسانيتي فهي الشيء الوحيد الذي راهنت عليه ولا تزال دوما وسط كل التحديات، فتحية من القلب لأمي وكل الأمهات صاحبات الفضل اللاتي لن توفيهن الكلمات .